العودة   نجاح نت > المنتديات التعليمية و التوظيف EMPLOI MAROC > المواد الأدبية > الفلسفة

الفلسفة نجاح نت الفلسفة كل مايتعلق بمادة الفلسفة من دروس الفلسفة وتمارين في المجزؤات والمفاهيم الفلسفية وحلول,إمتحانات موحدة ,إمتحانات جهوية,حلول الإمتحانات,1bac,2bac,Recherches,Examen Cours, Exercices لتلامدة الإبتدائي والإعدادي والتانوي وبشمول الجدع مشترك و الأولى باك والتانية باك.

إضافة رد
أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع
قديم 06-02-2010, 01:54 AM
  #1
al5atir
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 9
al5atir is on a distinguished road
Angry ملخصات لجميع دروس الفلسفة من الألف الى الياء لتعم الإفادة

ملخصات لجميع دروس الفلسفة من الألف الى الياء لتعم الإفادة


الحرية

مــقـدمــــة: مما لامناص منه أن مفهوم الحرية من المفاهيم الفلسفية الأكثر جمالية ووجدانية، فلهذا السبب اتخذت دائما شعارا للحركات التحررية والثورية ومختلف المنظمات الحقوقية في العالم، باعتبارها قيمة إنسانية سامية تنطوي على مسوغات أخلاقية واجتماعية وأخرى وجدانية وجمالية. إلا أنها تعد من المفاهيم الفلسفية الأكثر جدلا واستشكالا.فقد طُرحت الحرية بالقياس دوما إلى محددات خارجية؛ حيث كانت مسألة الحرية تطرح في الفكر القديم قياسا إلى القدرة والمشيئة الإلهية واليوم تُطرح قياسا إلى العلم الحديث بشقيه، سواء علوم الطبيعة أم الإنسان.فماذا تعني الحرية:هل الحرية أن نفعل كل ما نرغب فيه؟أم أنها محدودة بحدود حرية الآخرين؟وبناء على ذلك أين يمكننا أن نموقع الذات الإنسانية؟ هل هي ذات تمتلك حرية الاختيار وبالتالي القدرة على تحديد المصير؟ أم أنها ذات لها امتدادات طبيعية خاضعة لحتميات متعددة؟ ثم هل الحرية انفلات من رقابة القانون وأحكامه؟ أم أنها رهينته؟1. الحرية والحتمية:إذا كانت الحرية تتحدد بقدرة الفرد على الفعل والاختيار،فهل ستكون هذه الحرية مطلقة أم نسبية؟وهل ثمة حتميات وضرورات تحد من تحقيق الإرادة الحرة لدى الإنسان؟يرى سبينوزا، أن الحرية، أو بالأحرى الشعور بالحرية مجرد خطأ ناشئ مما في غير المطابقة من نقص وغموض؛ فالناس يعتقدون أنهم أحرار لأنهم يجهلون العلل التي تدفعهم إلى أفعالهم، كما يظن الطفل الخائف انه حر في أن يهرب، ويظن السكران انه يصدر عن حرية تامة، فإذا ما تاب إلى رشده عرف خطأه. مضيفا أنه لو كان الحجر يفكر، لاعتقد بدوره أنه إنما يسقط إلى الأرض بإرادة حرة. وبذلك تكون الحرية الإنسانية خاضعة لمنطق الأسباب والمسببات الذي ليس سوى منطق الحتمية. أما كانط فينطلق في معرض بحثه لمفهوم الحرية،من فكرة تبدو له من المسلمات والبديهيات، مفادها أن الحرية خاصية الموجودات العاقلة بالإجمال؛ لأن هذه الموجودات لا تعمل إلا مع فكرة الحرية. غير أن أي محاولة من العقل لتفسير إمكان الحرية تبوء بالفشل، على اعتبار أنها معارضة لطبيعة العقل من حيث أن علمنا محصور في نطاق العالم المحسوس وأن الشعور الباطن لا يدرك سوى ظواهر معينة بسوابقها، وهذه المحاولة معارضة لطبيعة الحرية نفسها من حيث أن تفسيرها يعني ردها إلى شروط وهي علية غير مشروطة. كما ينص كانط على التعامل مع الإنسان باعتباره غاية، لا باعتباره وسيلة، ذلك لأن ما يعتبر غاية في ذاته ، هو كل ما يستمد قيمته من ذاته، ويستمتع بالتالي بالاستقلال الذاتي الذي يعني استقلال الإرادة. يقتضي هذا المبدأ بان يختار كل فرد بحرية الأهداف والغايات التي يريد تحقيقها بعيدا عن قانون التسلسل العلي الذي يتحكم في الظواهر الطبيعية.في حين يرى كارل بوبر ضرورة إدخال مفهوم الحرية إلى دائرة النقاشات العلمية ،وخلصها من التصورات الحتمية.فالعالم الفيزيائي حسبه مفتوح على إمكانيات إنسانية عديدة ،وهي إمكانيات حرة تتميز بالإبداع والابتكار. فالأفعال والأحداث ليست من محض الصدفة، وإنما نابعة من الإرادة الحرة للفرد الذي يعيش وسط العوالم الثلاثة. غير أن سارتر يعتبر أن الحرية لا تتحدد فقط في الاختيار،وإنما في انجاز في انجاز الفرد لمشروعه الوجودي ،مادام أنه ذاتا مستقاة تفعل وتتفاعل،أما الإحساسات والقرارات التي يتخذها ،فهي ليست أسبابا آلية ومستقلة عن ذواتنا،ولا يمكن اعتبارها أشياء وإنما نابعة من مسؤوليتنا وقدرتنا وإمكانيتنا على الفعل.2. حرية الإرادة:إذا كانت الحرية نابعة من قدرة الفرد على الاختيار والفعل فان الهدف الأساسي لها يتجلى أساسا في تحصيل المعرفة وبلوغ الحقيقة. يميز الفارابي بين الإرادة والاختيار:فالإرادة هي استعداد يتوفر على نزوع نحو الإحساس والتخيل،في الوقت ذاته يتميز الاختيار بالتريث والتعقل،ومجرد ما يحصل الإنسان المعقولات بتمييزه بين الخير والشر،فانه يدرك السعادة الفعلية وبالتالي يبلغ الكمال.ولا يختلف اثنان في اعتبار سارتر فيلسوف الحرية بامتياز، وكيف لا وهو الذي نصب نفسه عدوا لذودا للجبريين. لقد بذل هذا الفيلسوف قصارى جهده للهبوط بالإنسان إلى المستوى البيولوجي المحض. فالحرية هي نسيج الوجود الإنساني،كما أنها الشرط الأول للعقل "إن الإنسان حر،قدر الإنسان أن يكون حرا ، محكوم على الإنسان لأنه لم يخلق نفسه وهو مع ذلك حر لأنه متى ألقي به في العالم، فإنه يكون مسؤولا عن كل ما يفعله". هكذا يتحكم الإنسان –حسب سارتر- في ذاته وهويته وحياته، في ضوء ما يختاره لنفسه بإرادته ووفقا لإمكاناته.أما ديكارت فيعتبر الإرادة أكمل وأعظم ما يمتلك الإنسان لأنها تمنحه القدرة على فعل الشيء أو الامتناع عن فعله،فهي التي تخرجه من وضعية اللامبالاة وتدفعه إلى الانخراط في مجال الفعل والمعرفة والاختيار الحر.أما نيتشه، فقد رفض الأحكام الأخلاقية النابعة من التعاليم المسيحية، معتبرا أنها سيئة وأنها أكدت، تأكيدا زائفا على الحب والشفقة والتعاطف، وأطاحت ،في المقابل، بالمثل والقيم اليونانية القديمة التي اعتبرها أكثر صدقا وأكثر تناسبا مع الإنسان الأرقىsuperman"". فهذه الأخلاق – بالمعنى الأول – مفسدة تماما للإنسان الحديث الذي يجب أن يكون "روحا حرة" ويثبت وجوده ويعتمد على نفسه ويستجيب لإرادته. فقد اعتبر بوجه عام أن الحقيقة القصوى للعالم هي الإرادة، ومثله الأعلى الأخلاقي والاجتماعي هو " الرجل الأوربي" الجيد، الموهوب بروح حرة، والذي يتحرى الحقيقة بلا ريب، ويكشف عن الخرافات والترهات. 3. الحرية والقانون:إذا اعتبرنا أن الحرية مقترنة بالإرادة الحرة وبقدرة الفرد على التغلب على الاكراهات والحتميات ،فكيف يمكن الحد من الحرية المطلقة؟وما دور القانون في توفير الحرية وترشيد استعمالها؟ لما كان الإنسان قد ولد وله الحق الكامل في الحرية والتمتع بلا قيود بجميع حقوق ومزايا قانون الطبيعة ، في المساواة مع الآخرين ، فإن له بالطبيعة الحق، ليس في المحافظة على حريته فحسب، بل أيضا في أن يقاضي الآخرين، إن هم قاموا بخرق للقانون ومعاقبتهم بما يعتقد أن جريمتهم تستحقه من عقاب. من هذا المنطلق وُجد المجتمع السياسي، حيث تنازل كل فرد عن سلطته الطبيعية وسلمها إلى المجتمع في جميع الحالات التي لا ينكر عليه فيها حق الالتجاء إلى القانون الذي يضعه المجتمع لحمايته.لا يعول توماس هوبز كثيرا على القانون، فهو يعتقد أن كينونة الحرية في الإنسان هي الدافع الأساسي لإعمال حريته وليس القانون، مضيفا أنه إذا لم يكن الإنسان حرا بحق وحقيقة، فليس هناك موضع للإدعاء بأن هذا الإنسان يمكنه أن يحظى بالحرية فقط عندما يكون تحت نظام قانوني معين... إذ تبقى الحرية عند هوبز نصا يمتلك معنى واسعا، ولكنه مشروط بعدم وجود موانع لإحراز ما يرغب فيه الإنسان، فالإرادة أو الرغبة لوحدها لا تكفي لإطلاق معنى الحرية. وهوبز كغيره من رواد الفكر السياسي الغربي، يؤمن بأن حرية الإنسان تنتهي عند حرية الآخرين، فقد رفض الحرية الزائدة غير المقيدة، إذ أكد بأن الحرية ليست الحرية الحقيقية لأنها خارجة عن السيطرة، بالأحرى سيكون الإنسان مستعبدا من خلال سيادة حالة من الخوف المطرد المستمر. وهكذا ستتعرض المصالح الشخصية الخاصة وحتى الحياة نفسها للرعب والذعر، من قبل الآخرين أثناء إعمالهم لحرياتهم. فالحرية المطلقة تقود إلى فقدان مطلق للحرية الحقيقية.وفي نفس الاتجاه يذهب مونتسكيو حيث يرى أن الحرية تنطوي على العديد من المعاني والدلالات ،وتقترن بأشكال مختلفة من الممارسات السياسية .فالحرية في نظره ليست هيالإرادة المطلقة ، وإنما الحق في فعل يخوله القانون دون المساس بحرية الآخرين.غير أن أردنت Arendtربطت الحرية بالحياة اليومية وبالمجال السياسي العمومي ذلك أن اعتبار الحرية حقا يشترك فيه جميع الناس، يفترض توفر نظام سياسي وقوانين ينظمان هذه الحرية، ويحددان مجال تعايش الحريات. أما الحديث عن حرية داخلية(ذاتية)، فهو حديث ملتبس وغير واضح. إن الحرية، حسب أرندت، مجالها الحقيقي والوحيد هو المجال السياسي، لما يوفره من إمكانات الفعل والكلام، والحرية بطبعها لا تمارس بشكل فعلي وملموس، إلا عندما يحتك الفرد بالآخرين، إن على مستوى التنقل أو التعبير أو غيرها، فتلك هي إذن الحرية الحقيقية والفعلية في اعتقادها. خاتمة: يتضح لنا جليا من خلال ما سبق أن مفهوم الحرية مفهوم ملتبس، فكلما اعتقدنا أننا أحطنا بها، انفلت منا ، فقد تعددت النظريات من فلسفة لأخرى بل من فيلسوف لآخر فهناك من ميزها عن الإرادة الفارابي، وهناك من رأى أنها تحوي زخما كبيرا من الدلالات والمعاني مونتيسكيو ، وهناك كذلك من ربطها بالحياة اليومية ولم يعزلها عن حياتنا السياسية كما ذهبت إليه أرندت.
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" """"""""""""""""""""

درس الحق والعدالة

مقدمة:يعتبر مفهوم الحق من المفاهيم الأساسية التي تداولها الفلاسفة من القديم، لارتباط إشكاليته بالهموم الإنسانية، ولمواكبتها للحياة السوسيو-أخلاقية.المحور الأول: الحق الطبيعي والحق الوضعي. شكل الحق عبر مختلف العصور مبدأ سعى إليه الإنسان فصانه واحتفظ به لمدى أهميته وقيمته الاتيقيتين. لكن على أي أساس يقوم هذا الحق؟فهل يقوم على أساس طبيعي محدد سلفا أم على أساس قانوني ووضعي ؟توماس هوبز، يذهب الى القول أن الإنسان أناني بطبعه، ويتلخص الحق الطبيعي في "أن لكل الناس الحق على كل الأشياء، بل إن لبعضهم الحق على أجسام البعض الآخر". إنها إذن "حرب الكل ضد الكل" ؛ إنها الحرية المطلقة في أن يفعل الإنسان ما شاء وأنى شاء. لكن ما دام "لن يتمكن أحد مهما بلغ من القوة والحكمة أن يبلغ حدود الحياة التي تسمح بها الطبيعة"؛ فيترتب عن ذلك تأسيس قانون يقوم على الحق الطبيعي في الحياة والدفاع عن النفس. وهو قانون يتنازل بموجبه الأفراد عن حقهم الطبيعي في الصراع من أجل حق طبيعي أسمى هو "حب البقاء"؛ فيضعون السلطة في يد شخص واحد مستبد.في حين يتبنى سبينوزا أطروحة الحق الطبيعي، إذ يؤكد أن هذا الحق يتلخص في أن "لكل موجود حق مطلق في البقاء على وضعه"، وليس هناك فرق بين الإنسان والكائنات الأخرى. فلديه كل الحق في أن يتصرف وفق ما يشتهيه وما تمليه عليه طبيعته. فمن هو بطبعه ميال إلى "منطق الشهوة" يتصرف وفق هذا المنطق (الغاية تبرر الوسيلة)؛ ومن ينزع بطبعه نحو "منطق العقل"، فإنه يتصرف وفق هذا النزوع. لكن، لكي يعيش الناس في وفاق وأمان "كان لزاما عليهم أن يسعوا إلى التوحد في نظام واحد" ؛ وذلك من خلال الخضوع لمنطق العقل وحده، وبالتالي كبح جماح الشهوة. وهذا أمر لا يتناقض مع الحق الطبيعي باعتبار العقل جزءا منه.إلا أن جان جاك روسو يتناقض مع أطروحة الحق الطبيعي القائم على القوة . فالإنسان خير بطبعه، والقوة قاعدة فيزيائية لا يمكن أن يقوم عليها الحق. وبما أن الإنسان كائن عاقل لابد أن يتنازل عن الأنانية التي فرضها عليه جشعه وحبه للمال، وتفرده بالسلطة، وبالتالي قيام المدنية على أسس خاطئة. فالمدنية لا تقوم إلا على صوت الواجب، والحق يجب أن يعوض الشهوة والاندفاعات الجسدية. إن حالة التمدن مكسب لأنها تمثل "الحرية الأخلاقية التي تمكن وحدها الإنسان من أن يكون سيد نفسه بالفعل". إن الشهوة استعباد والامتثال إلى القوانين التي شرعها الإنسان بنفسه حرية. ويقصد روسو ضرورة إقامة المجتمع على أساس "تعاقد اجتماعي" في إطار سلطة ديمقراطية تعكس إرادة الجميع.المحور الثاني:العدالة كأساس للحق.سواء قام الحق على أساس القانون الطبيعي أو على أساس الوضعي،فان السؤال الذي يطرح نفسه:هو كيف ينبغي أن يؤجر هذا الحق؟وما هي الشروط التي يجب توفرها لتحقيق العدالة؟تتحدد العدالة حسب أرسطو، بالتقابل مع الظلم.فالسلوك العادل،هو السلوك المشروع الموافق للقوانين والذي يكفل لكل ذي حق حقه تبعا لتناسب رياضي في حين أن الفعل الجائر هو الفعل اللامشروع المنافي للمساواة والذي يقوم على عدم التناسب وعدم التوسط بين الإفراط والتفريط. أما أفلاطون فيرى أن تحقيق العدالة داخل المدينة قمين بقيام كل فرد بالمهمة التي وجد من أجلها على أحسن وجه،وبذلك يتحقق التناغم والانسجام بين قوى مختلفة ومتعارضة،عندها يكون هذا الفرد قد ساهم في كمال المدينة وتحقيق الفضائل المتمثلة في الحكمة والاعتدال والشجاعة. لكن ألان فله رأي آخر، إذ يعتبر أن المعيار الأساسي للحق هو الاعتراف به والمصادقة عليه،أما الأشكال الأخرى من الممارسات اليومية،فلا تدخل في إطار الحق،لأنه لا يشمل الوقائع والأحداث التي تنبع من واقع الناس وحياتهم اليومية.المحور الثالث:العدالة بين المساواة والإنصاف.إذا كانت العدالة فضيلة أخلاقية، تتحدد قيمتها في تطبيقاتها العملية، وإلا ظلت مجرد حلم بعيد المنال.لذا وجب توفر شرطي المساواة والإنصاف، حتى تنتقل من مستوى ما ينبغي أن يكون –أي فكرة- إلى مستوى ما هو كائن.فهل بإمكان العدالة إنصاف جميع الناس؟حسب أفلاطون فان العدالة تتحدد باعتبارها فضيلة تقوم في انسجام القوى المتعارضة وتناسبها. فالعدالة في رأيه تتحقق على مستوى النفس حين تنسجم قواها الشهوانية والغضبية والعاقلة،كما تتحقق على صعيد المجتمع حين يؤدي كل فرد الوظيفة التي وهبته الطبيعة دون تدخل في عمل الآخرين.في حين تقترن العدالة عند أرسطو بالعدالة السياسية التي تفترض القيام بالسلوك المنصف والخاضع للقوانين التي لها دور تنظيم الحياة العمومية وضمان تحقيق العدالة السياسية.فالعدالة تدرك بنقيضها،لأن التصرف اللاعادل يتحقق عندما لا يأخذ الفرد نصيبه من الخيرات ومن ثروات البلاد،لذلك كان ضروريا وجود قانون يلزم الحاكم لكي يحكم بالعدل والمساواة.فالعدالة إذن لابد أن تقترن بالمساواة التي تضمن الكرامة للجميع. غير أن كلاستر يرى أن تحقيق شرطي الإنصاف والعدالة،أو افتراض وجود حاكم عادل غير كاف بل يجب إضافة إلى ذلك فرض العدالة بقوة القانون لتفادي العنف والفوضى والاستئثار بالحكم.ودليله على ذلك افتقار السلطة لقوة القانون عندما تكون معنوية أو رمزية،مما يتسبب في إمكانية أفولها.الأمر الذي يستدعي ضرورة قيام السلطة على أساس القانون وليس على أساس شخصية رمزية كما هو متداول في أعراف وتقاليد القبيلة.خاتمة:كاستنتاج عام، يتبين أن الحق مفهوم فلسفي كان أساس نقاش متواصل بين الفلاسفة والمفكرين منذ القديم، لما له من ارتباط بإنسانية الإنسان، وتنظيم حياته الاجتماعية، وتحقيق كينونته. وقد تأرجح الفلاسفة بين اعتباره حقا طبيعيا أو حقا وضعيا ؛ دون أن ننسى هناك أطروحات لا ترى تناقضا بين الطبيعي والوضعي، باعتبار الوضعي توجيها للطبيعي... كما أن الاختلاف الحاصل حول القانون يمكن حله على الشكل التالي: فكلما كان القانون خدوما للصالح العام؛ كلما كان حقا وجب على الناس الالتزام به. علما بأن الحق ليس مطلقا بل هو نسبي، ومن هذا المنطلق يجب العمل على تحيين القوانين حتى تكون مواكبة للعصر.
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" """""""""""""""""""""


الحقيقة

تعتبر إشكالية الحقيقة مفتاح جميع الإشكاليات الفلسفية.فكيف ما كان نوع الإشكال، ونوع الموضوع التي تبحث فيه،يظل السؤال الأساسي هو:هل باستطاعتنا الحصول على معرفة حقيقية؟و حتى إذا ما أمكن ذلك، فما عساها أن تكون طبيعة هذه المعرفة:هل ترقى لأن تكون معرفة كاملة ومطلقة،أم أنها لا تعدو أن تكون مجرد معرفة ناقصة ونسبية؟وفي سائر الأحوال كيف يتأتى الوصول إلى هذه المعرفة؟وماهي أفضل السبل المؤدية إليها:هل هي العقل وحده معتمدا على مبادئه وأفكاره القبلية،يستنبط منها،ويتقدم من المعلوم إلى المجهول،أم الحس وما يقوم عليه من معطيات وتجارب،أم الحدس وما يفرضه من تعاطف وذوق ومشاركة وجدانية؟ المحور الأول:الحقيقة و الرأي. نتساءل في هذا المحور عن ماهية الحقيقة.هل هي معطى جاهز لا يحتاج إلى تحقيق أو تنقيب ، أم أنها بناء يتأسس على الانفتاح على استكشاف الواقع دون ما حاجة إلى أفكار قبلية جاهزة؟في هذا الصدد نجد ديكارت يرفض تأسيس الحقيقة على الحواس لأن الحواس في نظره تخدعنا و تقدم لنا حقائق ظنية ينبغي تلافيها رغم أنه لا ينكر وجود العالم الحسي إلا أنه لا يعتبره منطلقا مضمونا لاكتشاف الحقيقة ، لأنها في نظره من شأن العقل وحده وهو ما يقبله العقل تلقائيا دونما حاجة إلى برهان فالحقيقة في الأصل ليست واقعا بل أفكارا في العقل ولما كانت الحدود بين الصادق والكاذب من الأفكار ليست بينة منذ البداية فإن الطريق إلى الحقيقة في نظر ديكارت هو الشك المنهجي ، والشك لا يتطلب خروج العقل من ذاته إلى العالم الخارجي بل يشترط فقط العودة إلى الذات لإعادة النظر -مسح الطاولة- في كل ما لديه من أفكار بواسطة الشك المنهجي .و عملية الشك تنتهي إلى أفكار لا تقبل الشك ألا وهي الأفكار البسيطة الفطرية في العقل ( البديهيات : الهوية عدم التناقض الثالث المرفوع ..) وهي أساس اليقين فليس تمة حقيقة إلا إذا قامت على هذه المبادئ والتي تدرك بواسطة الحدس العقلي ، وانطلاقا منها يستنبط العقل بواسطة الاستدلال كل الحقائق المركبة والممكنة يظهر أن العقل هو مبدأ ومنتهى الحقيقة . لكن ما علاقة الحقائق المدركة بالعقل بالواقع الموضوعي ؟ أمام معقولية الحقيقة (الخاصية الفكرية و المتمثلة في البداهة و الوضوح العقليين ) فإن مطابقتها للواقع يدفع إلى طرح السؤال أي واقع تكون الحقيقة مطابقة له ؟ أهو المشكوك فيه (المادي) أم الخفي و كيف يطابق الفكر واقعا خفيا ؟ وكيف يمكن التحقق من هذه المطابقة ؟ يرى ديكارت انطلاقا من فكرة الضمان الإلهي أنها علاقة تطابق فما دام العقل بفطريته والواقع بخصائصه وقوانينه الموضوعية يصدران معا عن أصل واحد (هو الله ) فإن وحدة مصدرهما هي ضامن تطابقهما وبذلك اعتقد ديكارت أنه قد حصن الحقيقة داخل قلعة اليقين التام (العقل) و لم يعد هناك مجال للشك ما دام قد قطع الطريق نهائيا عن الحواس.و لكن هل تكون الحقيقة عقلية بحتة و كيف يمكن للعقل أن يدرك حقيقة الواقع دون الاتصال به مباشرة ، إنه جانب غير معقول في عقلانية ديكارت سيحاول كانط معالجته
لكن كانط سيعتبر أن الحقيقة ليست لا ذاتية ولا موضوعية وليست معطاة أو جاهزة خارج الفكر والواقع ولا داخله بل إنها منتوج (بناء) إنها حاصل تفاعل الفكر والواقع , يبنيهما العقل انطلاقا من معطيات التجربة الحسية مادة المعرفة التي يضفي عليها الفهم الصور والأشكال .فالحقيقة تستلزم الـــمادة والصورة ، الواقع والفكر معا . وعلى هذا المضي أضحت الحقيقة متعددة ونسبية وغير معطاة بل لم تعد مطابقة الفكر للواقع بل انتظام معطيات الواقع في أطر أو مقولات العقل .
أما هايدجر فيذهب إلى أن الحقيقة تتخذ طعما آخر ومفهوما جديدا إنها في نظره توجد في الوجود ما دام هذا الوجود لا يتمكن من التعبير عن ذاته و الكشف عن حقيقته فإنه يحتاج إلى من يقوم بذلك والإنسان هو الكائن الوحيد الذي تتجلى فيه حقيقة الوجود ، لا لأنه يفكر وإنما لأنه ينطق و يتكلم ويعبر . فالإنسان في نظره نور الحقيقة في ظلمات الكينونة ، فالحقيقة ليست فكرا ينضاف إلى الوجود من الخارج كما ادعى ديكارت و كانط، و إنما هي توجد في صميم الوجود نفسه و ليس الإنسان سوى لسان حال الوجود أو كلمة الوجود المنطوقة ، الأمر الذي يدل على أن الحقيقة هي فكر يطابق لغة معينة تعبر عن وجود معين أي كشف للكائن وحريته، أي استعداد الفكر للانفتاح على الكائن المنكشف له ، و استقباله إذا ما تحقق التوافق و الانسجام.المحور الثاني:معايير الحقيقة.إذا كان هدف الحقيقة هو معانقة اليقين في إنتاجها لمختلف أصناف المعارف وفي مختلف الوسائل للإقناع وبسط سلطاتها المعرفية، فإننا نكون أمام تعدد معايير الحقيقة.فما هو معيار الحقيقة؟هل هو معيار منطقي أم مادي؟
يرى ديكارت أننا لا نخطئ إلا حينما نحكم على شيء لا تتوفر لدينا معرفة دقيقة عنه ويعتبر أن الحقيقة بسيطة ومتجانسة خالصة وبالتالي متميزة وواضحة بذاتها . فالحقيقي بديهي بالنسبة للعقل ولا يحتاج إلى دليل ومتميز عما ليس حقيقيا ، إنه قائم بذاته كالنور يعرف بذاته دونما حاجة إلى سند كما قال اسبينوزا ، واللا حقيقي كالظلام يوجد خارج النور .فالفكرة الصحيحة (الكل أكبر من الجزء) صادقة دوما ونقيضها خاطئ دوما .
في حين نجد هيجل الذي بين عن طريق التحليل الجدلي أن كل شيء يحمل في جوفه ضده ويوجد بفضله و ينعدم بانعدامه ، ومن هذا المنظور الجدلي فالخطأ هو الضد الجدلي للحقيقة أي أساسها و مكونها. أما باشلار فيعتبر أن الحقيقة العلمية خطأ تم تصحيحه وأن كل معرفة علمية تحمل في ذاتها عوائق ابستمولوجية تؤدي إلى الخطأ وأول هذه العوائق الظن أو بادئ الرأي وهذا يعني أن الحقيقة لا تولد دفعة واحدة فكل الاجتهادات الإنسانية الأولى عبارة عن خطأ واكتشاف الخطأ وتجاوزه هو الخطوة الأولى نحو الحقيقة. هكذا لم يعد ممكنا في المنظور المعاصر تصور الخطاب العلمي حاملا لحقائق صافية مطلقة يقول إدجار موران الذي يثبت أن فكرة الحقيقة هي المنبع الأكبر للخطأ. والخطأ الأساسي يقوم في التملك الوحيد لجانب الحقيقة. إن النظريات العلمية مثلها مثل جبل الجليد فيها جزء ضخم منغمر ليس علميا و لكنه ضروري للتطور العلمي.وعلى النقيض من كل الأطاريح السابقة فان نيتشه يرى أن الحقائق مجرد أوهام نسينا أنها أوهام وذلك بسبب نسيان منشأ اللغة وعملها لأن اللغة ما هي إلا استعارات وتشبيهات زينت بالصورة الشعرية والبلاغية مما يجعل من الصعب التوصل إلى الحقائق بواسطة الكلمات أو إلى تعبير مطابق للواقع و للكيانات الأصلية للأشياء بالإضافة إلى نسيان الرغبات والأهواء والغرائز التي تحول دون السلوك الإنساني وتدفعه إلى الكذب والأخطاء ، بدل الكشف والإظهار وبذلك يصبح الطريق إلى الحقيقة ليس هو العقل أو اللغة بل النسيان و اللاشعور.المحور الثالث: الحقيقة كقيمة:إن اعتقاد الإنسان في الحقائق وسعيه المتعطش وراءها أمر ضروري لاستمرار الحياة الاجتماعية والأخلاقية كما تبين في المحور السابق ولعل هذا ما يطرح مسألة الحقيقة كقيمة. فمن أين تستمد الحقيقة قيمتها؟ ما الذي يجعل الحقيقة مرغوبا فيها وغاية وهدفا للجهد الإنساني؟إن كانط يربط بين الحقيقة و أبعاد عملية وسلوكية دون أن يكتفي باستثمارها المصطلحي فقط في مسار اشتغاله المعرفي ، ويحيل على السؤال الذي ينبغي أن تسترد به كل مبادرة سلوك (ماذا لو فعل الناس جميعهم هذا السلوك؟) .من هنا يظهر البعد الغائي و الوظيفي الذي يتناول منه كانط مفهوم الحقيقة ، وكذا باعتبارها ارتباطا باليومي و القانوني من أجل تحقيق السلام الدائم . أما كيركجارد فيرى أن الحقيقة لها قيمة أخلاقية إنها فضيلة على الطريقة السقراطية قبل أن تكون مجرد معرفة ، فهي لا تنكشف في العقل ولا تدرك في الاستدلال وإنما تولد في الحياة وتعاش بالمعاناة .الحقيقة ليست شيء ثابت إنها حوار و اختلاف وهي ذاتية لأنها لا تتكرر في كل واحد منا، إنها أخلاق وفضيلة وليست قضية معرفية وغاية مذهبية بعيدة عن شروط ووجود الإنسان .غير أن وليام جيمس فان فلسفته كانت ثورة على المطلق والتأملي و المجرد . فقيمة الحقيقة هي قدرتها على تحقيق نتائج و تأثيرات في الواقع ، و بالنسبة لجيمس قد تكون تلك نتائج مباشرة كما هو في الواقع المادي ، وقد تكون غير مباشرة بمعنى غير فعالة بشكل مباشر كحديث وليام جيمس عن تأثير الإيمان بالله في الفرد بحيث ينحت داخله مجموعة من القيم التي باكتسابها تسود قيم من قبيل الخير و الفضيلة .لكن نيتشه له رأي مخالف ففي تصوره ، مصدر الحقيقة هو ذلك العود الأبدي للعصر الهيليني التراجيدي ، حيث الإقبال على الحياة بآلامها و آمالها ، وحيث تسود الطقوس الديونيزوسية ملغية الوجه الأبولوني للحياة ، إنها تأسس للإنسان الأعلى ، ورغبة في التفوق و إرادة القوة ...
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" """"""""""""""""""
الدولة

مقدمة:يتربع مفهوم الدولة عرش الفلسفة السياسية،لما يحمله من أهمية قصوى سواء اعتبرناه كيانا بشريا ذو خصائص تاريخية،جغرافية،لغوية،أو ثقافية مشتركة؛أو مجموعة من الأجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع.فان دل الاعتبار الثاني على شيء فإنما يدل على كون الدولة سيف على رقاب المواطنين وعلى هؤلاء الآخرين الامتثال والانصياع.لكن من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟أتستمدها من الحقن أم من القوة؟ ثم كيف يكون وجود دولة ما مشروعا ؟المحور الأول: مشروعية الدولة وغاياتها.يعتبر ماكس فيبر أن السياسة هي مجال تدبير الشأن العام وتسييره. وما الدولة إلا تعبيرا عن علاقات الهيمنة القائمة في المجتمع،وهذه الهيمنة تقوم على المشروعية التي تتحدد في ثلاث أسس تشكل أساس الأشكال المختلفة للدولة.وهي سلطة الأمس الأزلي المتجذرة من سلطة العادات والتقاليد،ثم السلطة القائمة على المزايا الشخصية الفائقة لشخص ما،وأخيرا السلطة التي تفرض نفسها بواسطة الشرعية،بفضل الاعتقاد في صلاحية نظام مشروع وكفاءة ايجابية قائمة على قواعد حكم عقلانية.يرى هوبز أن الدولة تنشأ ضمن تعاقد إرادي وميثاق حر بين سائر البشر ،حتى ينتقلوا من حالة الطبيعة –حرب الكل ضد الكل-إلى حالة المدنية.وبذلك ستكون غاية الدولة هي تحقيق الأمن والسلم في المجتمع. أما سبينوزا فيرى أن الغاية من تأسيس الدولة هي تحقيق الحرية للأفراد والاعتراف بهم كذوات مسؤولة وعاقلة وقادرة على التفكير وبالتالي تمكين كل مواطن من الحفاظ على حقه الطبيعي في الوجود باعتباره وجودا حرا.لكن هيجل فيرى أن مهمة الدولة هي أبعد من ذلك وأعمق وأسمى. فالفرد في رأيه يخضع للدولة وينصاع لقوانينها لأنها تجسد فعليا الإرادة العقلانية العامة، والوعي الجماعي القائم على الأخلاق الكونية، لأنها تدفع بالمرء للتخلص من أنانيته بحيث ينخرط ضمن الحياة الأخلاقية. فالدولة في نظره، هي أصدق تعبير عن سمو الفرد ورقيه إلى الكونية.فهي بذلك تشكل روح العالم.المحور الثاني:طبيعة السلطة السياسية.إن تباين المواقف الفلسفية حول مشروعية الدولة تتمخض منه إشكالات عدة حول طبيعة السلطة السياسية.فهل يمكن حصر السلطة السياسية في أجهزة الدولة أم أن السلطة قدرة مشتتة في كل المجتمع؟ وهل هي متعالية عن المجال الذي تمارس فيه،أم أنها محايثة له؟في هذا الخضم نجد دو توكفيل الذي يرى أن الصفات الجديدة التي أصبحت تتحلى بها الدولة،في ممارستها السياسية،هي تلبية متع الأفراد ورغباتهم وتحقيق حاجياتهم اليومية.لكن هذه الامتيازات يرى أنها كانت على حساب إقصائهم من الحياة السياسية ،الأمر الذي أدى إلى تقليص الحريات وتدني الوعي السياسي لديهم ،وبالتالي تحول الأفراد إلى قطيع تابع وفاقد للإرادة.أما مونتسكيو فقد عالج في كتابه "روح القوانين" طبيعة السلط في الدولة،إذ يصادر على ضرورة الفصل بين السلط داخل الدولة،حيث ينبغي في نظره استقلال السلطة التشريعية عن التنفيذية عن القضائية والفصل بينهما.والهدف من هذا الفصل والتقسيم هو ضمان الحرية في كنف الدولة.وفي المقابل التصور الذي يحصر السلطة في مجموعة من المؤسسات والأجهزة،سيبلور ميشيل فوكو تصورا أصيلا للسلطة.إذ يرى أنها ليست متعالية عن المجال الذي تمارس فيه،بل هي محايثة له.إنها الاسم الذي يطلق على وضعية استراتيجية معقدة في مجتمع معين تجعل مفعول السلطة يمتد كعلاقات قوة في منحى من مناحي الجسم الاجتماعي.المحور الثالث:الدولة بين الحق والعنف.في هذا الصدد نجد هنري لوفيفر الذي يعتبر الوضع المفارق للدولة -وطبيعة الممارسة السياسية المتأرجحة بين الوضوح تارة وبين الغموض تارة أخرى- أصبح موضوعا للمعرفة والتفكير،خصوصا في قدرة هذه الأنظمة على قيادة الأفراد والجماعات إلى المجهول والى أوضاع غير محسوبة العواقب تصل إلى مستوى الهيمنة والدمار،وهذا ما يتبين من خلال الأنظمة الديكتاتورية وأنظمة الحزب الواحد التي صادرت الحريات ومارست كل أشكال العنف.في حين يرتئي مكيافيللي أن الممارسة السياسية هي فن حكم البشر،إذ ستحول إلى تقنية ومهارة بل إلى خصال على الأمير أن يمتلكها إن هو أراد الحفاظ على قوة الدولة وضمان استمراريتها،ومن أجل التحكم في زمام السلطة وإخضاع الشعب بقوة السيف والإكراه.لكن سبينوزا يقف موقفا معارضا،إذ يؤكد أن مهمة الدولة لا تتمثل في تخويف الناس وترهيبهم،ولا في استعمال الدهاء السياسي والحيل لاستمالة من ينبغي استمالتهم ومنحهم الامتيازات والحوافز،ولكن مهمتها تكمن في نشر الفضيلة وجعل الناس يمارسون أعمالهم في اقتناع وطواعية.الأمر الذي لا يتأتى إلا بتوفير شروط من قبيل الحق والمساواة والحرية. خاتمة:يتضح لنا جليا أن الفلسفة الحديثة نزعت عن الدولة الكثير من الأقنعة والتصورات الأخلاقية ونظرت إليها كآلة لممارسة الحكم.حيث بينت أن هناك أنواع متعددة من المشروعية منها المرتبطة بالحكم المعتمد على التراث والمرتبطة بشخص ملهم أو المشروعية المؤسسية المرتبطة بالتصور التعاقدي
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" """"""
الشخص

يشير مفهوم الشخص إلى الذات الإنسانية بماهي ذات واعية ومفكرة من جهة، وذات حرة ومسؤولة من جهة أخرى. إذا كان الكثير منالفلاسفة قد ركزوا على جانب الفكر والوعي باعتبارهما يمثلان جوهر الشخص البشري، فإنهناك أبعاد أخرى تميز هذا الكائن؛ بيولوجية وسيكولوجية واجتماعية وغيرها. فللشخصصفات جسدية متغيرة، كما أن له حياة نفسية متقلبة، ثم إنه حيوان سياسي وأخلاقي،محكوم بروابط وعلاقات مع الغير.
أمام كل هذه المحددات نجد أن مفهوم الشخص يثيرالكثير من الإشكالات، من أهمها ما يلي:
- ما الذي يتغير في الشخص؟ وما الذي يبقى ثابتا؟أين تتمثل هوية الشخص؟ هل هي هوية واحدة أم متعددة؟
- ما الذي يميز الشخص ويمنحه قيمة وتميز عن باقيالحيوانات والأشياء؟ وما الذي يؤسس البعد القيمي- الأخلاقي للشخص؟
- بأي معنى يمكنالنظر إلى الشخص كذات حرة ومسؤولة؟ ألا يمكن القول بأن حريته مشروطة بأوضاعاجتماعية؟
І- الشخص والهوية:
*إشكالالمحور: ما الذي يكون الهوية الشخصية؟ وعلى ماذا تتأسس هويةالشخص؟
1- موقف جون لوك: تحديد هوية الشخص انطلاقا من الشعوروالذاكرة.
الشخصعند جون لوك كائن واعومفكر، يتأمل ذاته ويدرك أنها مطابقة لنفسها في كل لحظة تمارس فيها التفكيروالتعقل. ويربط لوك بين الفكر والشعور، وهذا الربط هو الذي جعله يستنتج أن الشعورهو ما يكون الهوية الشخصية للإنسان. كما يربط من جهة أخرى بين الذاكرة وهوية الشخص؛إذ كلما امتد الشعور في الذاكرة إلا واتسعت معه هوية الشخص وتقوت. وهذا يعني أنالشعور والذاكرة هما مكونان أساسيان لهوية الشخص.
2- موقف شوبنهاور: الإرادة كأساس لهوية الشخص .
خلافا للفلسفات التيتحدد هوية الشخص انطلاقا من الوعي والذاكرة، يرى شوبنهاور أن هوية الشخص تتحددبالإرادة، إرادة الحياة التي تظل ثابتة فينا حتى عندما ننسى ونتغيركلية.
هكذا وبالرغم منالتحولات التي يحملها الزمن إلى الإنسان، فإنه يبقى فيه شيء لا يتغير، وهو الذييمثل نواة وجوده الذي لا يتأثر بالزمن. وهذا الشيء لا يتمثل في الشعور المرتبطبالذاكرة، لأن أحداث الماضي يعتريها النسيان، والذاكرة معرضة للتلف بسبب الشيخوخةأو المرض. من هنا يرى شوبنهاور أن أساس هوية الشخص ونواة وجوده تتوقف على الإرادةالتي تظل ثابتة وفي هوية مع نفسها، وهي التي تمثل ذاتنا الحقيقية والمحركة لوعيناوذاتنا العارفة.
ІІ- الشخص بوصفهقيمة:
*إشكال المحور: ما الذي يؤسس البعد القيمي- الأخلاقي للشخص؟ ومن أين يكتسب قيمتهالأخلاقية من ذاته أم منعلاقته بالآخرين؟
1- موقف كانط : للشخص قيمة مطلقة في ذاته.
يعتبر كانط بأن الشخصهو الذات التي يمكن أن تنسب إليها مسؤولية أفعالها. من هنا فالشخص هو كائن واع، وهوما جعله يكتسب قيمة مطلقة في حين لا تتمتع الموجودات غير العاقلة إلا بقيمة نسبية. كما يعتبر الشخص غاية في ذاته، بحيث لا يمكن التعامل معه كمجرد وسيلة. وهذا يعنيأنه يمتلك قيمة وكرامة لا تقدر بثمن.
ولكي يحافظ الشخص على احترامه كذات حرةوأخلاقية، يجب عليه أن يتصرف وفقا للأمر الأخلاقي المطلق بحيث يعامل الإنسانية فيسلوكه كغاية وليس كوسيلة. هكذا فحرية الشخص عند كانط مقترنة بالتزامه بالأمرالأخلاقي الذي هو قانون عملي كلي ومطلق، يشكل مبدأ موضوعيا للإرادة الإنسانية،ويعامل الطبيعة الإنسانية كغاية في ذاتها.
2- موقف غوسدورف: قيمة الشخص لا تتحقق إلا من خلال مشاركتهللغير.
بخلاففلسفة كانط التي تناولت الشخص الأخلاقي من منظور نظري وعقلي مجرد، نجد أن غوسدورفيتناوله من منظور عملي واقعي. هكذا فقيمة الشخص الأخلاقي لا تتحقق إلا من خلالمشاركته للغير وأشكال انفتاحه عليه. فمنذ البدايات الأولى للوجود البشري والإنسانيعيش مع الآخرين ضمن أشكال من التعايش والتضامن التي سمحت للفكر الأخلاقي وغيره أنيتشكل على أرض الواقع. منهنا فالكمال الأخلاقيالشخصي لا يتحقق في مجال الوجود الفردي، بل في مجال الوجود الاجتماعي وفي أشكالالتعايش مع الناس.
ІІІ- الشخص بين الضرورةوالحرية:
*إشكال المحور: ما علاقة الشخص، بوصفه ذات حرة،بما يحمله من صفات ومايصدر عنه من أفعال؟ هل هي أفعال صادرة عنإرادة حرةأم محكومة بإشراطات؟
1- موقف العلوم الإنسانية: الشخص خاضع لحتمياتمختلفة.
لقداعتبر علم النفس الفرويدي بأن نفسية الإنسان تتحدد بشكل حاسم في مرحلة الطفولة، كماأن سلوكاته تقف وراءها نزعات لاشعورية توجه حياته دون أن يشعر. هكذا يحل اللاوعيمحل الوعي، ويبدو الشخص خاضعا لنزعاته التدميرية العدوانية التي يختزنها "الهو".
ومن جهة أخرىبينت الدراسات الاجتماعية والأنثروبلوجية أن الكثير من أحاسيس الإنسان وأفكارهوسلوكاته مفروضة عليه من خلال التنشئة الاجتماعية. فالشخص لا يعدو أن يكون نتاجالتفاعل بنيات وقواعد مؤسسية مختلفة تمارس عليه الإكراه من مختلف الزوايا؛ سواء تعلقالأمر بالبنيات النفسية أو اللغوية أوالمادية والاقتصادي. من هنا فقد انتهت العلومالإنسانية إلى التأكيد على أن وعي الشخص بذاته يشوبه الوهم والغرور، وتحدثت عن موتهواختفائه وسط العديد من المحددات التي تشرطه وتحاصره.
لكن هل يعني هذا غيابا تاما لحرية الشخص في بناءنفسه؟
2- الموقف الفلسفي: القول بحرية الشخص في بناء نفسه.
1- موقف سارتر: الشخص مشروع حرية تتحقق بشكل دائم.
يرىسارتر أن الإنسان كشخص هو مشروع مستقبلي، يعمل على تجاوز ذاته ووضعيته وواقعهباستمرار من خلال اختياره لأفعاله بكل إرادة وحرية ومسؤولية، ومن خلال انفتاحه علىالآخرين. ولتأكيد ذلك ينطلق سارتر من فكرة أساسية في فلسفته وهي "كون الوجود سابقعلى الماهية"، أي أن الإنسان يوجد أولا ثم يصنع ماهيته فيما بعد.إنه الكائن الحربامتياز، فهو الذي يمنح لأوضاعه معنى خاصا انطلاقا من ذاته؛ فليس هناك سوى الذاتكمصدر مطلق لإعطاء معنى للعالم.
إن الشخص هو دائما كائن في المستقبل، تتحددوضعيته الحالية تبعا لما ينوي فعله في المستقبل.فكل منعطف في الحياة هو اختياريستلزم اختيارات أخرى، وكل هذه الاختيارات نابعة من الإنسان باعتباره ذاتا ووعياوحرية.
2- موقف عزيزلحبابي: تصطدم حرية الشخص بشروطموضوعية.
يذهب لحبابي إلى أن كل فعل إنساني هو فعل قصدييرمي إلى تحقيق نوايا وأهداف واعية. وهذا يستلزم من الذات الإنسانية تفهم الشروطالموضوعية والوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك الفعل. وهذه القصدية الواعية هي التي تضفيطابع الحرية على الفعل الإنساني، وتجعله يتميز عن الأفعال الآلية الصادرة عن دوافعغريزية كما هو الشأن عند الحيوانات.
هكذا فالكائن الإنساني يسعى إلى شخصنة أفعالهبما هو ذات حرة، وذلك بالسعي نحو اكتساب صفات تميزه كشخص وتضفي على أفعاله قيمةوغائية إنسانية. وبقدر ما أن الشخص حر ويسعى إلى تحقيق ذاته بحسب ما يريده فيالمستقبل، فهو أيضا ملزم أمام نفسه وأمام المجتمع، أي أن له قضايا إنسانيةواجتماعية يضع نفسه في خدمتها. من هنا فإذا كان الشخص حرا وتتسم أفعاله بالقصدية،فإن حريته تصطدم بمحك الواقع وتختبر نفسها داخله؛ إذ لا بد للشخص أثناء إنجازهلأفعاله وتقريره لمشاريعه أن يتفهم شروط وجوده الواقعية.
هكذا فالحرية حسب عزيز لحبابي، ليست مجرد حريةنظرية ذاتية، بل إنها حرية مجتمعية وتاريخية، إنها حرية ملتزمة بقضايا المجتمعوالآخرين
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" """"""""""""""
الغير

مقدمة:إن مفهوم الغير اتخذ في التمثل الشائع معنى تنحصر دلالته في الآخر المتميز عن الأنا الفردية أو الجماعية (النحن). ولعل أسباب هذا التميز إما مادية جسمية، وإما إثنية (عرقية) أو حضارية، أو فروقا اجتماعية أو طبقية . ومن هذا المنطلق، ندرك أن مفهوم الغير في الاصطلاح الشائع يتحدد بالسلب، لأنه يشير إلى ذلك الغير الذي يختلف عن الأنا ويتميز عنها، ومن ثمة يمكن أن تتخذ منه الذات مواقف، بعضها إيجابي كالتآخي، والصداقة وما إلى ذلك، وأخرى سلبية كاللامبالاة، والعداء... وهكذا، يتضح أن معنى الغير والآخر واحد في التمثل الشائع.لكن كيف نستدل على وجود الغير باعتباره وجودا خارج الذات،بالرغم من أنه وجود مختلف عن باقي الموضوعات الأخرى التي تشكل العالم الخارجي؟المحور الأول: وجود الغير.لقد كان ديكارت أول فيلسوف حاول إقامة مفارقة بين الأنا الفردية الواعية وبين الغير ؛ حيث أراد ديكارت لنفسه أن يعيش عزلة إبستيمية، رافضا كل استعانة بالغير في أثناء عملية الشك. فرفض الموروث من المعارف، واعتمد على إمكاناته الذاتية، لأنه يريد أن يصل إلى ذلك اليقين العقلي الذي يتصف بالبداهة والوضوح والتميز... فوجود الغير في إدراك الحقيقة ليس وجودا ضروريا، ومن ثمة يمكن أن نقول : إن تجربة الشك التي عاشها ديكارت تمت من خلال إقصاء الغير... والاعتراف بالغير لا يأتي إلا من خلال قوة الحكم العقلي حيث يكون وجود الغير وجودا استدلاليا. وقد تجاوز هيجل هذا الشعور السلبي بوجود الغير، لأنه رأى أن الذات حينما تنغمس في الحياة لا يكون وعيها وعيا للذات، وإنما نظرة إلى الذات باعتبارها عضوية. فوعي الذات لنفسها ـ في اعتقاد هيجل ـ يكون من خلال اعتراف الغير بها. وهذه عملية مزدوجة يقوم بها الغير كما تقوم بها الذات. واعتراف أحد الطرفين بالآخر لابد أن ينتزع. هكذا تدخل الأنا في صراع حتى الموت مع الغير، وتستمر العلاقة بينهما في إطار جدلية العبد والسيد. هكذا يكون وجود الغير بالنسبة إلى الذات وجودا ضروريا.أما سارتر فيرى الغير ما هو إلا أنا آخر،أي كأنا مماثل لأناي،إلا أنه مستقل عنه.لكن وجود الغير هو كذلك نفي لأناي،من حيث هو مركز للعالم.ويترتب على وجود الغير هذا نتائج هامة وحاسمة لا على مستوى أناي فحسب،بل على مستوى علاقتي مع العالم الخارجي.إن ما سبق يظهر التناقض الحاصل بين التمثلين الديكارتي والهيجلي ؛ ففي الوقت الذي يقصي فيه ديكارت وجود الغير، يعتبره هيجل وجودا ضروريا. وهذا يتولد عنه السؤال التالي : هل معرفة الغير ممكنة ؟ وكيف تتم معرفته؟المحور الثاني: معرفة الغير.إن معرفة الغير تمثل بحق علاقة " إبستيمية " بين طرفين، أحدهما يمثل الأنا العارفة والآخر يمثل موضوع المعرفة. الشيء الذي يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي : هل نعرف الغير بوصفه ذاتا أم موضوعا ؟بمعنى آخر،هل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟يطرح سارتر العلاقة المعرفية بين الأنا والغير في إطار فينومينولوجي (ظاهراتي) فالغير في اعتقاده هو ذلك الذي ليس هو أنا، ولست أنا هو ". وفي حالة وجود علاقة عدمية بين الأنا والغير، فإنه لا يمكنه " أن يؤثر في كينونتي بكينونته "، وفي هذه الحالة ستكون معرفة الغير غير ممكنة. لكن بمجرد الدخول في علاقة معرفية مع الغير معناه تحويله إلى موضوع (أي تشييئه) : أي أننا ننظر إليه كشيء خارج عن دواتنا ونسلب منه جميع معاني الوعي والحرية والإرادة والمسؤولية. وهذه العلاقة متبادلة بين الأنا والغير : فحين أدخل في مجال إدراك الآخر، فإن نظرته إلي تقيدني وتحد من حريتي وتلقائيتي، لأنني أنظر إلى نفسي نظرة الآخر إلي ؛ إن نظرة الغير إلي تشيئني، كما تشيئه نظرتي إليه. هكذا تبدو كينونة الغير متعالية عن مجال إدراكنا ما دامت معرفتنا للغير معرفة انطباعية حسية.لكن ميرلوبونتي، له موقف آخر إذ يرى أن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع، كما لا تحوله نظرتي إلى موضوع " ؛ إلا في حالة واحدة وهي أن ينغلق كل واحد في ذاته وتأملاته الفردية. مع العلم أن هذا الحاجز يمكن تكسيره بالتواصل، فبمجرد أن تدخل الذات في التواصل مع الغير حتى تكف ذات الغير عن التعالي عن الأنا، ويزول بذلك العائق الذي يعطي للغير صورة عالم يستعصي بلوغه.أما دولوز فيرى أن الغير ليس هو ذلك الموضوع المرئي، وليس ذلك الشخص الآخر. إن الغير بنية الحقل الإدراكي، كما أنه نظام من التفاعلات بين الأفراد كأغيار. فحين تدرك الذات شيئا ما، فإنها لا تستطيع أن تحيط به في كليته إلا من خلال الآخرين ؛ فالغير هو الذي يتمم إدراكي للأشياء، وهو الذي " يجسد [مثلا] إمكانية عالم مفزع عندما لا أكون بعد مفزوعا، وعلى العكس إمكانية عالم مطمئن عندما أكون قد أفزعت حقيقة ". إن الغير إذن بنية مطلقة تتجلى في الممكن الإدراكي وهي تعبير عن عالم ممكن، ومعرفة الغير يجب أن تكون معرفة بنيوية.لا يمكن اختزال العلاقة مع الغير في علاقة إبستيمية /أو معرفية/ من أي نوع. إن العلاقة مع الغير يمكن أن تكون علاقة أكسيولوجية قيمية تحكمها ضوابط أخلاقية كالأنانية، والغيرية، والظلم، والتسامح ...الخ. وهذا ما يضطرنا إلى الوقوف عند نموذجين للعلاقة مع الغير هما : الصداقة والغرابة.المحور الثالث:العلاقة مع الغير.هل العلاقة مع الغير هي علاقة تكامل أم تنافر؟تتنوع العلاقة مع الغير وتختلف، فهي إما أن تكون علاقة اختلاف وعداوة أو علاقة صراع...وعلى أساس هذه العلاقة الشائكة مع الغير، يمكن أن تتفرع أنواع أخرى من العلاقات، مثل علاقة الإقصاء وعلاقة القبول وعلاقة التسامح والتعاطف و..و..و...وفي هذا السياق يرى كانط أن علاقة الصداقة هي أسمى وأنبل العلاقات الإنسانية،لأنها قائمة على الاحترام المتبادل.وأساسها الإرادة الأخلاقية الخيرة.فالصداقة باعتبارها واجبا أخلاقيا، تشترط وجود المساواة وعلاقة التكافؤ، وهي أيضا نقطة تماس بين الحب والاحترام.وهذا ما يمنح الإنسان توازنه وعدم الإفراط سواء في الاحترام أو الحب.أما أفلاطـون فيعتبر أن علاقة الصداقة تنبثق من الحالة الوجودية الوسط التي تطبعوجود الإنسان، وهي حالة وسط بين الكمال المطلق والنقص المطلق تدفع الإنسان إلىالبحث الدائم عما يكمله في علاقته مع الآخرين... فالكمال الأقصى يجعل الإنسان فيحالة اكتفاء ذاتي لا يحتاج فيها إلى الغير، وفي حالة النقص المطلق تنعدم لديهالرغبة في طلب الكمال والخير. من هنا تقوم الصداقة كعلاقة محبة متبادلة يبحث فيهاالأنا عما يكمله في الغير، يتصف فيها كل طرف بقدر كاف من الخير أو الكمال يدفعه إلى طلب كمال أسمى، وبقدر من النقص الذي لا يحول دون طلب الكمال.لكن أرسطـو يرى أن الصداقة كتجربة معيشية وواقعية لا تقوم على الحب بمعناه الأفلاطوني فقط, بل توجدثلاثة أنواع من الصداقة تختلف من حيث طبيعتها وقيمتها. فالنمطان الأولان(المنفعة/المتعة) متغيران نسبيان يوجدان بوجود المنفعة والمتعة ويزولان بزوالهما, ومن ثم فهما لا يستحقان اسم الصداقة إلا مجازا. والنمط الثالث(الفضيلة) يمثلالصداقة الحقة لأنه يقوم على قيمة الخير والجمال لذاته أولا ثم للأصدقاء ثانيا. وفيإطار صداقة الفضيلة تتحقق المنفعة والمتعة ليس كغايتين بل كنتيجتين. غير أن هذاالنمط من الصداقة نادر الوجود. ولو أمكن قيامه بين الناس جميعا لما احتاجوا إلىالعدالة والقوانين.غير أن هيجل يؤسس للعلاقة بين الذات والغير،انطلاقا من الجدل القائم على ثنائية العبد والسيد.فكل وعي في نظره يدخل حتما في علاقة معينة مع وعي آخر،يبحث من خلالها عن الاعتراف بسيادة وعيه.إلا أن هذا الاعتراف عندما يتم،بعد انتهاء الصراع بين النوعين يفقد معناه لأنه صادر عن وعي العبد.الأمر الذي يستدعي وعي السيد إلى البحث عن صراع جديد واعتراف جديد.خلا صـة تركيبيـة:
إن التفكير في مفهوم الغيريكشف عن إشكالية فلسفية متعددة الأبعاد نظرا لطبيعة العلاقة المركبة بين الأناوالغير.
فعلى المستوى الوجودي يتحدد وجود الغير كضرورة لوجود الأنا حسـبالتصـور الجدلـي (هيجل) في مقابل التصور الذاتي الذي يتم فيه استغناء الأنا عن وجودالغير (ديكارت).
وعلى المستوى المعرفي تفتح علاقة الأنا بالغير على عدة زوايامن النظـر انعكسـت فـي الخطابات التي تتحدد فيها هذه العلاقة كعلاقة تشييئية(سارتر) أو كعلاقة مشاركة وجدانية (ميرلو بونتي) تجعلان معرفة الغير تطرح معضلات لاحل لها... وذلك في مقابل تصورات أخرى تسعى إلى تجاوز هذه الصعوبات من خلال إضفاءطابع كلي (شيلر) أو بنيوي (دولوز) على الغير.
وعلى مستوى العلاقة الأخلاقيةالوجدانية، يلاحظ أن التواصل مع الغير قد يتخذ أشكالا مختلفة كما يتجلى ذلك فيسيادة نظرة الهيمنة والإقصاء قديما في مقابل النظرة الفلسفية المعاصرة التي تحاولتأسيس هذه العلاقة على الحوار والاختلاف أو التكامل والمغايرة.
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" """"""""""""""""""

النظرية والتجربة

مقدمة:يندرج مفهوما النظرية والتجربة ضمن فلسفة العلوم التي تؤسس بحق لأجرأ نظريات المعرفة العلمية والتي شكلت منذ ظهورها مطلع القرن الفارط لب الأبحاث العلمية التي ساهمت في تطوير العلوم المعاصرة والتي كانت سببا في رفاهة الانسان المعاصر.المحورالأول: التجربةوالتجريب.
* إشكال المحور: ما هو دور التجريب فيبناء النظرية؟ وهل يعتبر التجريب في معناه التقليدي المقوم الوحيد في تفسير الظواهرالطبيعية أم أن لعنصر الخيال العقلي دور في ذلك؟
1- موقف كلود برنار:
يرى كلود برنار أن إحاطة العالم بمبادئ المنهج التجريبي، التيمن شأنها أن تجعله يصل إلى الحقيقة العلمية، تتطلب منه الالتزام بشرطين أساسيين: الأول يتمثل في توفره على فكرة يعمل على فحصها انطلاقا من وقائع صحيحة ومنظمة، أماالثاني فيتمثل في ضرورة استخدام العالم كل الأدوات التي من شأنها أن تمكنه منملاحظة الظاهرة المدروسة ملاحظة كاملة وشاملة.
هكذا يرى كلودبرنار أنه على العالم الملاحظ للظواهر أن ينقل بدقة ما هو موجود في الطبيعة، إنعليه أن ينصت إلى الطبيعة، وأن يسجل ما تمليه عليه. من هنا تأتي الملاحظة في بدايةالمنهج التجريبي، ثم تتلوها الفكرة العقلية التي تسعى إلى تفسير الظاهرة، وبعد ذلكيتم التأكد من الفرضية المفسرة عن طريق التجربة العلمية التي تعتبر معيارا للتحققمن صحة الفرضية أو عدم صحتها.
انطلاقا من كل هذا يحدد كلودبرنار خطوات المنهج التجريبي التي تجمع بين الفكر النظري والممارسة التجريبية، حيثتأتي الملاحظة في بداية هذا المنهج لكي تتبعها فكرة عقلية منبثقة عنها، هذه الفكرةالتي يتم الاستدلال عليها انطلاقا من التجربة.
فالتجربة إذن هيمنطلق بناء النظرية العلمية، وهي المعيار الوحيد لصلاحيتها.
2- موقف رونيطوم:
إذا كان التجريب حسب التصورالتقليدي هو معيار للتحقق من الفرضية، فإن روني طوم يرى أنه لا يمكن الحديث عنفرضية علمية غير مؤسسة على نظرية سابقة. فكل نظرية تتضمن في نظره كيانات خيالية يتمالتسليم بوجودها، مما يعني أن لعنصر الخيال العقلي دور كبير في التجريب العلمي. هكذا اعتبر روني طوم أنه من الوهم الاعتقاد مع أنصار النزعة التجريبية التقليديةبأن التجربة هي وحدها التي تمكننا من فهم العلاقات السببية بين الظواهر الطبيعية. فالتجريب لا يكفي وحده لفهم الظواهر الطبيعية وأسبابها، بل لا بد من إقحام عنصرالخيال العقلي الذي يعتبر تجربة ذهنية مكملة للتجربة التي تتم بواسطة الأدواتالعلمية في المختبر.
هكذا يؤكد روني طوم على التكامل الحاصلبين ما هو واقعي تجريبي من جهة، وما هو عقلي خيالي من جهة أخرى؛ إذ لا يمكن للتجريبالعلمي الاستغناء عن التفكير العقلي الذي يعد عملية معقدة ومتشابكة يصعب ضبطها منخلال منهج محدد.
المحور الثاني: العقلانية العلمية.
*إشكالالمحور: ما هي طبيعة المعرفة العلمية المعاصرة؟ وكيف تتحدد علاقة العقلوالتجربة داخل هذه المعرفة؟1- موقف إنشتين:
يؤكد إنشتين على أن النسق النظري للعلم المعاصر يتكون من مفاهيم ومبادئ هي إبداعات حرة للعقل البشري. من هنا فالنظرية العلمية تبنى بناءا عقليا خالصا، أما المعطيات التجريبية فهي مطالبة بأن تكون مطابقة للقضايا الناتجة عن النظرية وتابعة لها.
هكذا يعتبر إنشتين أن العقل العلمي الأكسيومي بكل ما يتميز به من رمز وتجريد، كفيل بإنشاء النظرية العلمية، وما التجربة إلا المرشد في وضع بعض الفرضيات من جهة، وفي تطبيقها من جهة أخرى. كما يؤكد على الدور الذي أصبح يلعبه العقل الرياضي في الكشف عن النظريات العلمية ابتداءا ودون أية تجارب سابقة. فالبناء الرياضي الخالص يمكننا من اكتشاف المفاهيم والقوانين التي تعتبر مفتاحا لفهم الظواهر الطبيعية. وهذا ما يجعل العقل الرياضي هو المبدأ الخلاق في العلم، كما يجعل من العقلانية العلمية المعاصرة عقلانية مبدعة.
2- موقف غاستون باشلار:
يؤكد باشلار على أهمية الحوار الجدلي بين العقل والتجربة في بناء المعرفة العلمية. تتأسس الفيزياء المعاصرة في نظره على يقين مزدوج: الأول يتمثل في أن الواقع العلمي ليس واقعا معطى عن طريق الحواس، بل هو واقع مبني بناءا عقليا ورياضيا، وهو ما يعني أن الواقع يوجد في قبضة العقل. أما اليقين الثاني فيتمثل في القول بأن بناءات العقل وبراهينه لا تتم بمعزل عن الاختبارات والتجارب العلمية. هكذا انتقد باشلار النزعة الاختبارية الساذجة التي اعتقدت أن التجربة هي مصدر بناء النظرية العلمية، كما انتقد النزعة العقلانية المغلقة التي تصورت أن العقل قادر لوحده على بناء المعرفة بشكل منعزل عن الواقع. وعلى العكس من ذلك اعتبر باشلار أن بناء المعرفة العلمية المعاصرة يتم في إطار حوار متكامل بين العقل والتجربة. هكذا فالعقل العلمي المعاصر مشروط بطبيعة الموضوعات التي يريد معرفتها، فهو ليس عقلا منغلقا ثابتا بل منفتحا على الواقع العلمي الجديد الذي يتناوله. من هنا ينعت باشلار فلسفته بالعقلانية المنفتحة وأيضا المطبقة، والتي تتم داخل وعي غير معزول عن الواقع. لكن الواقع العلمي نفسه هو واقع متحول ومبني بناءا نظريا وعقليا.
المحور الثالث: معايير علمية النظريات العلمية.
*إشكال المحور: ماهو معيار علمية نظرية ما؟
1- موقف بيير تويليي:
إذا كان بيير دوهايم، وهو أحد أنصار النزعة التجريبية الوضعية، يرى بأن غاية النظرية الفيزيائية هو أن تمثل تماما، وبصورة صحيحة، مجموعة من القوانين التجريبية، بحيث يشكل الاتفاق مع التجربة بالنسبة للنظرية الفيزيائية المعيار الوحيد للحقيقة، فإن بيير تويليي يقول بمعيار تعدد الاختبارات كشرط أساسي للقول بعلمية نظرية ما. هكذا لا يمثل في نظره معيار القابلية للتحقق التجريبي المعيار الوحيد والنهائي لعلمية وصلاحية نظرية ما، بل لا بد من خروج النظرية من عزلتها التجريبية بإضافة فروض جديدة ترسم للموضوع الملموس، الذي يعتبر مرجع النظرية، نموذجه النظري المنسجم مع النظرية في كليتها. إن أية تجربة علمية لا تتم بدون مساعدة نظريات أخرى، كما أنه لا توجد تجربة حاسمة، إذ تظل نتائج التحقق التجريبي جزئية وقابلة دائما للمراجعة. لذلك فمعيار علمية النظرية يكمن من جهة في إخضاع النظرية لاختبارات تجريبية متعددة، والعمل على المقارنة بينها، كما يكمن هذا المعيار من جهة أخرى في اختبارات التماسك المنطقي للنظرية ومقارنتها بنظريات علمية أخرى.
2- موقف كارل بوبر:
إن معيار علمية النظرية عند كارل بوبر هو قابليتها للتفنيد أو التكذيب. هكذا يجب على النظرية، إن شاءت أن تكون علمية، أن تكون قادرة على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز الثغرات الكامنة فيها. ويرى بوبر أنه يمكن أن نطلق على معيار القابلية للتكذيب أيضا معيار القابلية للاختبار، لأن قابلية النظرية للتكذيب معناه أنه يمكن اختبارها بشكل دائم من أجل تجاوز العيوب الكامنة فيها. وهذا يدل على انفتاح النظرية العلمية ونسبيتها. أما النظرية التي تدعي أنها يقينية وقطعية ولا عيوب فيها، فهي مبدئيا غير قابلة للاختبار.ü إن الطابع التركيبي والشمولي للنظرية يجعل من المستحيل تقريبا التحقق من صدقها أو كذبها بواسطة التجربة. لذلك اقترح بوبر القابلية للتكذيب معيارا لعلمية نظرية ما، وإن لم تكذب فعلا، أي أن تتضمن في منطوقها إمكانية البحث عن وقائع تجريبية تكذبه
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
االواجب
تقديم يعتبر مفهوم الواجب قطب رحى الفلسفة الأخلاقية ، إذ يشكل إحدى المقولات الأساسية التي انبنى عليها التفكير الفلسفي في الشق الأخلاقي إلى جانب قيم أخرى كالسعادة و الحرية... والحديث عن الواجب باعتباره أحد هذه القيم يدفعنا للتساؤل:ما هو الواجب ؟وما هو الأساس الذي يقوم عليه؟هل يقوم على الالتزام الداخلي المؤسس على الوازع الأخلاقي؟أم أنه يقوم على سلطة الإكراه والإلزام الخارجي بغض النظر عن مصدره وطبيعته؟وإذا كان الواجب يقوم على الالتزام الداخلي ألا يقتضي ذلك ضرورة وجود وعي أخلاقي من شأنه أن يشكل الأساس الذي يقوم عليه الواجب ـ إلى جانب أسس أخرى كالقوانين الوضعية؟وعندما نتحدث عن الواجب ،ألا يحق لنا أيضا أن نتساءل :هل الواجب هو واجب تجاه الذات أم تجاه الآخرين؟المحور الأول: الواجب و الإكراهالحديث عن مفهوم الواجب يجرنا للتساؤل عما إذا كان إلزاما أم التزاما ؟بمعنى آخر هل ما نقدمه من واجب هو صادر عن رضى وطيب خاطر؟أم لأننا أرغمنا عليه؟يذهب كانط إلى اعتبار الواجب هو القيام بالفعل احتراما للقانون ـالقانون الذاتي الأخلاقي القائم على الخير الأسمى، والمؤسس على العقل والإرادة ـ وعلى هذا النحو يكون المرجع الأساسي الذي يجب أن ينطلق منه الجميع هو العقل لأنه كوني بالنسبة للجميع. والحكم الأخلاقي إذ يصدر عن الإرادة الخيرة الحرة ـ التي مصدرها العقل هي الأخرى ـ فهو أيضا يمكن توصيفه بالكوني. اهتجس كانط بهاجس الكونية وهو يبني فلسفته النقدية بشكل عام. لذلك وضع قوانين تتسع رقعتها لتشمل الإنسان كمفهوم، أي الإنسان في صيغته المطلقة، مركزا على العقل والإرادة لطابعهما الكوني والمشترك. فالعقل العملي إلى جانب الإرادة هما المشرعين لمفهوم الواجب، الذي هو إكراه، من حيث هو فعل خاضع للعقل، وللحرية، لأن مصدره الإرادة.في حين يرى هيجل أن الأطروحة الكانطية مجرد نزعة صورية تفتقر إلى التجلي والتجسد في الواقع. فالواجب مع هيجل ذو طابع مؤسساتي وغايته هي إقامة الدولة القوية التي يبتدئ بناء صرحها من الفرد الذي ينصهر في الكل، بلغة صاحب الفينومنولوجيا " يجب على الفرد الذي يؤدي واجبه أن يحقق مصلحته الشخصية أو إشباعه وأن يتحول الشأن العام إلى شأن خاص بفعل وضعيته داخل الدولة. فان دل هذا فإنما يدل على أن المصلحة الخاصة تنصهر ضمن المصلحة العامة بحيث يضمن الفرد حمايتها. "فالفرد ـ يقول هيجل ـ الخاضع للواجبات سيجد في تحقيقها حمايته لشخصه ولملكيته باعتباره مواطنا، وتقديرا لمنفعته وإشباعا لماهيته الجوهرية، واعتزازا بكونه عضوا في هذا الكل؛ وبذلك يغدو الواجب مرتبطا بالدولة لا بالذات في وجودها الخالص. وعلى النقيض من ذلك يرى غويو أن الفعل الأخلاقي لا يجب أن يصدر عن إلزام و لا عن خوف من أي جزاء أو عقاب. إنما يكون هو فعلا تأسيسيا لمسار الحياة الذي لا ينتهي، و لغايات حددتها الطبيعة الإنسانية بوصفها فاعلية مطلقة نحو الحياة. لكن الواجب الأخلاقي من وجهة النظر الطبيعية هاته التي ليس فيها شيء غيبي، يرتد إلى القانون الطبيعي الشامل ، فمصدره هو الشعور الفياض "بأننا عشنا و أننا أدينا مهمتنا ... و سوف تستمر الحياة بعدنا، من دوننا، و لكن لعل لنا بعض الفضل في هذا الاستمرار". و المنحى نفسه يتخذه نيتشه حين يؤسس الأخلاق على مبدأ الحياة بوصفها اندفاع خلاق محض. إذ الفعل الأخلاقي عند نيتشه ما يخدم الحياة ويزيد من قوتها و ليس ما يضعف الحياة و يزيد من محدوديتها. هكذا هو الخير و الشر عند نيتشه. المحور الثاني: الوعي الأخلاقييعتبر مفهوم الوعي الأخلاقي مفهوما مركزيا في الفلسفات الأخلاقية .فما هو الأساس الذي يقوم عليه هذا الوعي؟يرى روسو أن الوعي الأخلاقي إحساس داخلي موطنه وجداننا فنحن نحسه قبل معرفته ،وهو الذي يساعدنا على التمييز بين الخير والشر ،والحسن والقبيح،وهي إحساسات طبيعية وفطرية يسعى الإنسان من خلالها إلى تفادي ما يلحق الأذى به وبالآخرين،ويميل إلى ما يعود عليه وعلى الآخرين بالنفع.الأمر الذي يقوي لديه الوعي الأخلاقي فيجعله متميز عن باقي الكائنات الحيوانية الأخرى.أما هيجل فانع يعتبر الوعي الأخلاقي هو الربط بين الواجب والمبادئ الأخلاقية.وفي هذا الإطار يميز هيجل بين الواجب بمعناه القانوني والواجب بمعناه الأخلاقي ،فإذا كان النوع الأول من الواجب يعتبر نموذجيا،فان النوع الثاني يفتقر إلى الطابع النموذجي،وذلك لقيامه على الإرادة الذاتية.لكن ،سرعان ما سيعكس هيجل هذا الحكم ،عندما سيعتبر الواجب القانوني واجبا يفتقر إلى الاستعداد الفكري،على عكس الواجب الأخلاقي الذي يستدعي ذلك الاستعداد،ويقتضي أن يكون مطابقا للحق في ذاته.وعلى هذا النحو يصبح للواجب الأخلاقي قيمة باعتباره وعيا ذاتيا وليس إلزاما خارجيا.وفي مقابل هذين التصورين ،يذهب نيتشه إلى رفض كل التزام أخلاقي ، سواء من الناحية المبدئية أو من ناحية ادعائنا القدرة على تعميمه على جميع الذوات.إن اعتبار الالتزام الأخلاقي أساسيا للفعل الأخلاقي ،هو في نظره هو جهل بالذات وسوء فهم لها، وخصوصا عندما تدعي تلك الذات إمكانية تعميمه على كل الذوات الأخرى. وكبديل لهذا الالتزام، يشدد نيتشه على الأنانية الذاتية، بما تعنيه من هناء وخنوع وتواضع، باعتبارها أساسا للسلوك الإنساني عوض ذلك الالتزام الأخلاقي الزائف. المحور الثالث: الواجب و المجتمعماهي الصلة التي يمكن إقامتها بين الواجب والمجتمع ؟ وكيف تتحدد واجبات الفرد تجاه المجتمع والآخرين؟يرى دوركهايم بأن المجتمع يشكل سلطة معنوية تتحكم في وجدان الأفراد، و يكون نظرتهم لمختلف أنماط السلوك داخله، و من ثمة فالمجتمع يمارس نوعا من القهر و الجبر على الأفراد إذ هو الذي يرسم لهم معالم الامتثال للواجب الأخلاقي و النظم الأخلاقية عموما، و لما كانت الحال كذلك لأن الأفراد يُسلب منهم الوعي بالفعل الأخلاقي، لأنه لم يكن نابعا من إرادة حرة و واعية و إنما عن ضمير و وعي جمعيين هما المتحكمان في سلوكيات الأفراد. و بالتالي فالمجتمع سلطة إلزامية "و التي يجب أن نخضع لها لأنها تحكمنا و تربطنا بغايات تتجاوزنا.و من ثمة فالمجتمع يتعالى على الإرادات الفردية، و يفرض السلوكيات التي يجب أن يكون بما فيها السلوكيات الأخلاقية لأن المجتمع "قوة أخلاقية كبيرة. فيحقق الأفراد غاية المجتمع لا غاية ذواتهم و الإنصات لصوته الآمر لأن "تلك المشاعر التي تملي علينا سلوكنا بلهجة آمرة صارمة و ضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع و لا يعبر إلا عنه.أما ماكس فيبر فينصرف في حديثه عن الواجب الأخلاقي و الأخلاق عموما إلى القول بأن الأخلاق في مجملها تنقسم إلى نمطين اثنين: نمط أول موسوم بأخلاق الاقتناع ذات المظهر المثالي و المتعالي التي يكون فيها الفرد غير متحمل لأية مسؤولية، و إنما هي مركونة إلى المؤثرات و العوامل الخارجية التي لا يتدخل فيها الفرد، و إنما تطرح فيه بتأثير الأبعاد الدينية، بما هي صوت متعال يصدر أوامره، حيث إن " أخلاقية الاقتناع لن ترجع المسؤولية إلى الفاعل، بل إلى العالم المحيط و إلى حماقة البشر و إلى مشيئة الله الذي خلق الناس على بهذه الصورة.و نمط ثان من الأخلاق هو ما أطلق عليه أخلاق المسؤولية، التي تصدر من الذات الفردية و تتأسس على الوعي الفردي الحر، إذ "نحن مسئولون عن النتائج التي تمكن توقعها لأفعالنا"، و لا ترجع المسؤولية إلى بعد خارجي قسري، لا علاقة لهذه الأخلاق بالقدر أو بالحظ.لكن جون راولز صاحب نظرية العدالة في الفكر السياسي المعاصر، فيذهب الى أن الواجب الأخلاقي باعتباره نمطا من التضامن الذي يبنيه و يؤسسه الجيل السابق للجيل اللاحق، حتى يستطيع الجيل الأول أن يوفر كل إمكانيات العيش الرغيد و المريح. فكل جيل يتحمل على كاهله مسؤولية تأمين المستقبل الذي لا يجعل الجيل اللاحق في حالة من الضياع و التشتت.و كثيرة هي المناحي التي ينبثق منها هذا الواجب الأخلاقي بما هو تضامن بين الأجيال ، و هذا التضامن هو خدمة للمجتمع عموما و تقسيم الثروات بشكل عادل. خاتمة انطلاقا مما سبق التطرق إليه من مواقف نجد أن الواجب الأخلاقي مفهوم يتراوح بين عدة أنظار و مواقف متباينة لا تتعارض أكثر مما تكون صورة بانورامية حوله، فمنهم من جعل من الواجب إرادة حرة و مطلقة في مقابل رأي معاكس إذ يرى النقيض، حيث جعل من الواجب الأخلاقي جزءا لا يجتزئ عن سلطة من السلط إما نفسية أو دينية أو غير ذلك...



ارجوا أن يعجبكم موضوعي الأول كلمة شكر تكفي لأواصل مع متمنياتي بالنجاح للجميع

التعديل الأخير تم بواسطة N-Kyo ; 08-07-2010 الساعة 12:43 AM
al5atir غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2010, 09:17 AM
  #2
N-Kyo
إدارة نجــــــــــاح نت
 الصورة الرمزية N-Kyo
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: نجــــــــــــــــاح نت
المشاركات: 2,465
N-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to all
افتراضي رد: ملخصات لجميع دروس الفلسفة من الألف الى الياء لتعم الإفادة

شكرا جزيلا على الملخصات الجميلة بارك الله فيك

منتضرين متل هده المواضيع الرائعة
__________________
( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل
السماء عليكم مدرَاراً ويمددكم بأموال وبنين
ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهاراً )
-----------------------------------------
( اللهم إن كان لي رزق في السماء فأنزله وإن كان لي رزق في الأرض فأخرجه وإن كان معسراً فيسره وأن كان بعيداً فقربه وإن كان حراماً فطهر)

-----------------------------------------


ماشاء الله لاقوة إلا بالله




N-Kyo غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-08-2010, 08:53 PM
  #3
al5atir
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 9
al5atir is on a distinguished road
افتراضي رد: ملخصات لجميع دروس الفلسفة من الألف الى الياء لتعم الإفادة

الله يقدرنا على فعل الخير
al5atir غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 08:59 PM
  #4
Mouchmabir
عضو شرف
 الصورة الرمزية Mouchmabir
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
الدولة: المغـــــــرب
المشاركات: 1,514
Mouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of light
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى Mouchmabir إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى Mouchmabir إرسال رسالة عبر Skype إلى Mouchmabir
افتراضي رد: ملخصات لجميع دروس الفلسفة من الألف الى الياء لتعم الإفادة

شكرا أخي ملخصات في محلها لكن هناك اشارة لجميع الطلاب
هده المواقف لا أنصح حفظها من طرف التلاميد الدين لديهم نقص في التعبير
Mouchmabir غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-01-2010, 05:55 PM
  #5
صالح لكان
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 1
صالح لكان is on a distinguished road
افتراضي رد: ملخصات لجميع دروس الفلسفة من الألف الى الياء لتعم الإفادة

شكرا جزيلا أتمنى أن تواصل على هدا المنوال
صالح لكان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-19-2011, 09:45 PM
  #6
ايناس23
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12
ايناس23 is on a distinguished road
افتراضي رد: ملخصات لجميع دروس الفلسفة من الألف الى الياء لتعم الإفادة

شكرا وننتظر منكم المزيد
ايناس23 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر رد
ملخصات مادة الفلسفة 2 باك , ملخصات دروس الفلسفة ثانية باك ,ملخصات دروس الفلسفة 2 bac N-Kyo الفلسفة 9 01-06-2013 10:47 AM
المواضيع المقالية من الالف الى الياء لتعم الإفادة al5atir علوم الحياة والأرض 2 06-16-2010 03:54 PM
جميع ملخصات لدروس الفلسفة 2bac N-Kyo الفلسفة 2 04-06-2009 04:15 PM


الساعة الآن 01:03 AM.



تعريف :

نجاح نت منتدى يهتم بجميع متطلبات مستعملي الإنترنيت وخصوصا البرامج وشروحتها وأمور ديننا الحنيف و المناهج الدراسية والألعاب...


جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd diamond