إذا كانت اللغة هي كل نسق من العلامات يمكن أن يتخد وسيلة للتواصل، وإذا كانت حيوانات كثيرة تبرهن عن امتلاكها لمثل هذا النسق خصوصا تلك التي تعرف حياتها الإجتماعية أشكالا معقدة من التنظيم لايتصور دون أداة للتواصل كالنمل والنحل، فلم تعتبر اللغة خاصية إنسانية إذن ؟ خصوصا وأن الرأي الشائع لدى الحس المشترك يؤكد أن الحيوانات تتكلم ولو أننا لانفهم لغتها
هذه اللغة التي تتوسط بيننا وبين الواقع أو عالم الأشياء، ماعلاقتها بهذا الواقع؟ وماعلاقة الكلمات بالأشياء؟ أهي علاقة طبيعية وعلاقة محاكاة أم علاقة اعتباطية؟ وإذاكانت اللغة وظيفة التعبير الكلامي عن الفكر، فما طبيعة علاقتها بهذا الأخير؟هل هي علاقة أسبقية وانفصال أم علاقة تزامن واتصال؟لنبدأ أولا بعلاقة اللغة بالواقع: لاشك أن اللغةمجموعة علامات والعلامة في معناها العام هي كل شئ يمكن أن يتخده الفكر بديلا عن شئ آخر فيسمى الأول دالا والثاني مدلولا، وتوخيا للدقة يحتفظ السيميائيون بإسم العلامة للدال الذي لاتربطه بمدلوله أية علاقة يمكن تبريرها منطقيا أو طبيعيا كالراية رمزا للبلد، بينما يستعمل مفهوم الرمز في حالة وجود علاقة مبررة طبيعيا أو منطقيا أو ثقافيا كالميزان رمزا للعدالة أو الثعلب رمزا للمكر...(نص: الرمز والعلامة ص15) وعليه يمكن إعادة صياغة سؤالنا حول علاقة الكلمات بالأشياء بالقول: هل مفردات اللغة/اللسان علامات أم رموز؟
ما طبيعة العلاقة بين الفكر واللغة بين وظيفتي التفكير والتعبير؟ وهل للفكر وجود سابق ومستقل عن اللغة؟ أم أنهما كيانان مترابطان متزامنان؟كثيرة هي الوقائع والملاحظات التي تدفع للإستنتاج بإن الفكر سابق مستقل عن اللغة: فهناك من جهة تعدد الأنظمة الدالة بتعدد الألسن بل وتعدد أنساق العلامات التي يستخدمها الفرد الواحد للتعبير عن نفس الفكرة من حركات وإيماءات ورموز متنوعة مما يدفع إلى القول باستقلال الفكرة عن العبارة لإمكانية انفصال الفكرة عن علامة ما وارتباطها بأخرى: هناك إذن نوع من تعالي الفكر على أداته اللغوية. ومن ناحية أخرى يتبدى الفكر سابقا على اللغة عندما أبحث طويلا أوبدون جدوى عن كلمات مناسبة لفكرة أحسها حاضرة قبلا وبإلحاح. لهذه الأسباب يفترض الحس المشترك أننا نفكر أولا ثم نعبر ثانيا أي ننتقل بعد التفكير إلى إلباس أفكارنا كلمات ملائمة، أوكما قال دوبونالد في القرن التاسع عشر: « L’homme pense sa parole avant de parler sa pensé »
اللغة حسب ماعرفناها به هي نسق من العلامات التي تستهدف تحقيق التواصل والربط بين الذوات.فهل هي بهذا المعنى جسر أم عائق أيضا؟ بتعبير آخر:هل اللغة جسر يربط بين العوالم الداخلية للذوات البشرية المعتمة والمنفصلة عن بعضها بالتعريف؟ فتكون في هذه الحالة أداة شفافة للإخبار والإظهار ونقل المعلومة؟ أم أنها عائق أي أداة للإخفاء والإضمار؟ وهل تكتفي اللغة برسم علاقة محايدة بين المتكلم والمخاطب مكتفية بمجرد ربط العلاقة التواصلية أم أنها تحدد نمط هذه العلاقة تبعا لقواعد بنيتها الداخلية وبحسب السياقات الإجتماعية؟لايمكن أن ننكر الوظيفة التواصلية للغة وأهميتها مقارنة بباقي الوظائف، ذلك أن ظهور اللغة نفسه يستجيب للحاجة الحيوية للتواصل داخل الجماعة البشرية. وقد تأمل اللساني الروسي رومان جاكبسون الفعل التواصلي اللغوي وفككه إلى ستة عناصر يرتبط بكل منها وظيفة خاصة مهيمنة:
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
تعليمات المشاركة |
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code is متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر رد |
دروس الاسلاميات للأولى باكالوريا للتحميل | forlan5 | التربية الإسلامية | 1 | 04-29-2011 07:49 PM |
دروس مجزوِؤة الانسان للأولى باكالوريا شعبة العلوم | Mouchmabir | الفلسفة | 2 | 12-16-2010 09:07 PM |
جميع ملخصات الإجتماعيات 1 Bac للأولى باكالوريا | نبيل م | الإجتماعيات | 1 | 05-04-2010 11:42 AM |
بعض دروس مادة اللغة العربية خاص بالأولى باكالوريا | rahma_chennoufi | العربية | 1 | 05-13-2009 06:48 PM |
نجاح نت منتدى يهتم بجميع متطلبات مستعملي الإنترنيت وخصوصا البرامج وشروحتها وأمور ديننا الحنيف و المناهج الدراسية والألعاب...
جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك