قرات لكم الجزء الاخير

08-31-2008, 07:52 AM

عزيز منير

مشرف سابــق وبروفسور الفلسفة

تاريخ التسجيل: Aug 2008

الدولة: تونس

المشاركات: 187

عزيز منير will become famous soon enough

قرات لكم الجزء الاخير

نصل إلى الجزء الأخير من متابعتنا لأفكار المفكر دافيد لوبروتون في كتابه " انتروبولوجيا الجسد و الحداثة" متمنيا أن ألقاكم في متابعات أخرى بإذن الله فشكرا للمرور
................................

هل يمكن القول بان تحرر الجسد لن يكون فعليا إلا عندما سيختفي هم الجسد؟

الجسد غير المرغوب فيه

إن الشيخوخة هي اليوم هذه القضية الرمادية الممكنة التي تحاصر فئة من السكان، غامضة خيالية و تائهة في الحداثة. إن الشخص المسن ينزلق ببطء خارج الميدان الرمزي و يخرق القيم المركزية للحداثة قيم الشباب و الإغواء و العمل و الحيوية. إن المسن لم يعد تاريخه شخصا فاعلا، انه جسد مهزوم يجب العناية بصحته و بقائه.إن التقدم في السن بالتعبير الغربي على التقليل التدريجي للجسد و على نوع من الخضوع لازدواجية تعارض بين الفاعل و جسده و تجعله تابعا لهذا الأخير.
إن إنسان الحداثة يقاتل بشكل دائم كل آثار هرمه و يتوجس خيفة من أن يهرم و خاصة أن يفقد وضعه المهني و لا يعود يجد عملا.إن المرأة المسنة العجوز تفقد اجتماعيا الإغراء التي كانت أساسا تدين به إلى نضارتها و حيويتها و شبابها،من هنا التفكير في إقامة ورشة تجميل تسمح للأشخاص المسنين بالعناية بوجوههم و بالتبرج و الاعتناء بزينة شعرهم فالوجه هو بدون تلاعب بالألفاظ يمثل عاصمة الجسد و من خلال إحياء شعور الوجه نؤكد للشخص المسن أن التجاعيد لم تتلف هويته و انه يمكن أن يجد متعة في العناية بمظهره .
إننا من خلال جسدنا نعرض أنفسنا و لعامل الزمن و الموت وليس بأرواحنا. لكن صورة الجسد التي يصطنعها الفرد ستتقولب وفقا لتقدمه في الحياة و هي لا تعفيه من تقويم قاس جدا لتقدمه في السن. إن أشياء الزمن و دون شك أشياء الرغبة هي التي توحي بسمة الزمن.
الجسد و قرينته الجسد الأنا الآخر
مخيال جديد للجسد
منذ نهاية الستينات و مع توسع متناه انطلق مخيال جديد للجسد و اكتسح ميادين للممارسات و للخطب كانت غير معروفة حتى ذلك الحين فبعد فترة من القمع و التكتم يفرض الجسد نفسه اليوم كموضوع لتفضيل الخطاب بالإيجابي و مكان هندسي لإعادة غزو الذات، انه الأرض التي ينبغي ارتيادها والمرصاد اللانهائي للأحاسيس، انه المكان المتميز للرفاهية أو لحسن المظهر.
اليوم و عبر هذه الممارسات و هذه الخطب يكف الجسد على أن يشكل مكان للخطأ و المسودة التي يمكن تلخيصها مع التقنية انه لم يعد السقوط في الجسد و إنما فقط الجسد اللحم و طريق الخلاص.في هذا الفصل معارضة ضمنية، في الشخص ليس حصة للجسد و حصة للإنسان غير القابلة للفهم.
الثنائية المعاصرة تميز الإنسان عن جسده

لقد أصبحت الحداثة تبنى على الجسد المخلص، جسد الخلاص و ليس جسد السقوط. إن أمكنة من الجسد كانت في الماضي تخضع لضرورات التكتم بدافع الحياء أو بسبب الخشية من إثارة الضحك أخذت تفرض اليوم نفسها دون صعوبة و دون عقد و أصبحت العلامات الأساسية للرجولة أو الشباب. لقد أصبح الجسد العاري للمرأة الحامل يمثل قيمة إغرائية في الإشهار و السراويل القصيرة التي يلبسها الرجال ابتذلت خلال الصيف ليس فقط في محطات الاستحمام و إنما أيضا في المدن .إن أفخاذ الرجال لم تعد تدعو للابتسام، إن جسد الرجل أصبح من القيم الجنسية التي تكتسح الإشهار و ملصقات السينما .
إن الجسد لم يعد قدرا نستسلم له انه مادة نصوغها على هوانا، لقد تعدلت بعمق علاقة وعي الشخص بجسده فالمخيال المعاصر يجعل الجسد للإرادة و يجعل من الجسد مادة مميزة لبنية الإرادة.
إن الحديث يجري مع الجسد يلاطف و يداعب و يدلك ويستكشف كأرض متميزة يجب غزوها أو بشكل أفضل كشخص ينبغي إغراؤه. إن الجسد يصبح ملكية من الدرجة الأولى.
الفعالية الرمزية
إن الجسد بناء اجتماعي و ثقافي لم تعط مطلقا حقيقته النهائية ،انه يشبك تجلياته و مكوناته بالرمز الاجتماعي و لا يمكن أن يفهم بالنسبة لتصور مدموج أبدا بالواقع لكن الواقع بدونه سيكون غير موجود. إن من طبيعة الجسد أن يكون استعارة أو وهما فاعلا، لقد فتح فرويد بدراسته عن الهستيريا المكبوتة بالتعاون مع ثغرة أولى في هذا النموذج ، فالجسد المستكشف بواسطة التحليل النفسي يكشف عن تشريح خيالي غير مرئي لنظرة تتجاوز التصورات الطبية. إن الجسد شفاف بصور اللاشعور، إن فرويد يعارض التصور الطبي للجسد لللاشخصي الموجود خارج الزمن انه يدع قصيدة الجسد تتكلم.
إن للجسد رنينا هو رنين اللحم،إن للجسد كلامه و لغته و هو نسيجا رمزيا، لقد كرست المعرفة التشريحية استقلال الجسد و وضع الجاذبية في حالة انعدام الجاذبية في مقابل التصورات القديمة التي ترى عدم تشريح الجسد لقداسته.
طريق الشك : الجسد و الحداثة
هناك طريقان متباعدان في الظاهر يعكسان رؤى الحداثة عن جسد الإنسان و هما: طريق الشك و الإبعاد بسبب مردوده الإعلامي الضعيف و هشاشته و جاذبيته و نقص قدرته على التمثل ،إنها النظرة الحديثة و العلمانية لفكرة السقوط في الجسد التي يعتبر الجسد فيها و بمنظور شبه غنوص، الجزء الملعون من الوضع البشري، الجزء الذي تفاهما العلم و التقنية مع بعض على إعادة صياغته و صنعه و نزع الطابع المادي عنه من اجل تخليص الإنسان من انغراسه المرهف في اللحم .
و من جهة أخرى طريق خلاص الجسد عبر تمجيد إحساسه و صياغة مظهره و البحث عن أفضل إغراء ممكن و الهوس بالشكل و الرفاهية و الاهتمام بالإبقاء على الشباب.
إن سوقا مزدهرة يجعل من الجسد موضوعه المميز تطور و نما في هذه السنوات الأخيرة حول دهون التجميل و العلاجات التجميلية و صالات الرياضة و نوادي التنحيف و الحفاظ على الشكل و البحث عن الرفاهية و تنمية العلاجات الجسدية
سواء تعلق الأمر بالجسد بصفته الجزء الملعون أو باعتباره طريق الخلاص و الذي يحل محل الروح في مجتمع علماني فان نفس التميز يجري ويضع الإنسان في وضعية خارجية تجاه جسده الخاص. إن الصيغة الحديثة للثنائية تعارض بين الإنسان و جسده و ليس بين النفس و الروح و الجسد كما كان الحال في الماضي.
الجسد في قطع غيار
لقد فتحت إنجازات الطب و البيولوجيا" زرع الأعضاء نقل الدم ،الترميم، المساعدة على الإنجاب" الطريق لممارسات جديدة تم الإعلان بسببها عن مستقبل مزدهر.
لقد حلل الجسد إلى عناصره و اخضع للعقل التحليلي. إن استخدام و بيع القطع البشرية المفككة و زرعها و استخدامها بعد بيعها لديها حظوظ لان تصبح الصناعة التي ستعرف النمو الأسرع في العالم، إنها ستقوم من حيث رقم الأعمال بمنافسة صناعة قطع غيار السيارات. يمكننا أن نشهد بنوك الدم ونقله تنافس البنوك المالية و كذلك نشأت تجارة الجماجم إن الأعضاء الأساسية للإنسان يجري اليوم شراؤها و بيعها و زرعها و تخزينها و المتاجرة بها.
إن الحياة البشرية تقطع و تأخذ مظاهر القوة الميكانيكية، إن الجسد المقطع إلى مركباته يقع تحت قانون التحول و التبادل الذي يعمم بسهولة أكثر كما كانت المسألة الانتروبولوجية مخفية.
النزعة الأداتية للجسد
إن الأمومة التي تشكل في القرن 20 خاصة من خصائص الجنس المؤنث و موقعتها الخاصة و كرامتها الخاصة هي الآن في طريقها لان تتجزأ أو تستغرق و تقع بأسرها تحت الرقابة الطبية و الاجتماعية .إن التناسل الخارجي أي إنضاج الجنين في أنبوب الاختبار هو على جدول الأعمال اليوم، لم تعد ولادة الطفل فقط نتيجة رغبة و صدفة لقاء جنسي بين شريكين و الحياة لم تعد فقط في عمق الجسد البشري و إنما في أنابيب اختبار التلقيح.
إن فيمنولوجيا الأمس" مرلوبنتي" و انتروبولوجيا اليوم يظهران أن الجسد هو شرط الإنسان.

التعديل الأخير تم بواسطة N-Kyo ; 08-31-2008 الساعة 08:27 PM

08-31-2008, 08:28 PM

N-Kyo

إدارة نجــــــــــاح نت

تاريخ التسجيل: Feb 2008

الدولة: نجــــــــــــــــاح نت

المشاركات: 2,465

مشكور كالعادة مواضيح روعة وفقك الله

__________________

( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل

السماء عليكم مدرَاراً ويمددكم بأموال وبنين

ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهاراً )

-----------------------------------------

( اللهم إن كان لي رزق في السماء فأنزله وإن كان لي رزق في الأرض فأخرجه وإن كان معسراً فيسره وأن كان بعيداً فقربه وإن كان حراماً فطهر)

-----------------------------------------

ماشاء الله لاقوة إلا بالله

08-31-2008, 08:38 PM

كلثوم

عضوة رهـيبة

تاريخ التسجيل: Jun 2008

الدولة: MorOcCo

المشاركات: 1,084

اشكرك اخي على موضوعك الجميل
والراقي وننتضر منك كل جديد ومفيد

__________________

08-31-2008, 08:55 PM

antigone

عضوة شرف

تاريخ التسجيل: Feb 2008

الدولة: المغـــ بلدي الحبيب ـــرب

المشاركات: 1,412

مشكور استاذ على الجزء
و في انتظار جديدك

		نجاح نت > المنتديات التعليمية و التوظيف EMPLOI MAROC > المواد الأدبية > الفلسفة
قرات لكم الجزء الاخير

اسم العضو		حفظ البيانات؟
كلمة المرور

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة لا تستطيع الرد على المواضيع لا تستطيع إرفاق ملفات لا تستطيع تعديل مشاركاتك BB code is متاحة الابتسامات متاحة كود [IMG] متاحة كود HTML معطلة قوانين المنتدى

تعريف :