المنتدى الاسلامي خاص بكل ما يتعلق بديننا الاسلامي من خطب ومحاضرات واناشيد إسلامية وكدلك أدعية وصور اسلامية وما اليه

إضافة رد
أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع
قديم 03-23-2009, 06:32 PM
  #1
أسد الليل
عضو محترف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 376
أسد الليل is on a distinguished road
افتراضي [خطبة] الدين النصيحة



أمّا بَعد: فاتَّقوا الله ـ عِبادَ الله ـ حَقَّ التّقوَى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.


أيّها المسلمون، بَصَّر الله عِبادَه بالحقّ، ويسَّر لهم سُلُوكه، وأمَر مَن يُعينهم عليه من صُحبةٍ صَالحةٍ وناصِح، والصدودُ عنهما من أسبابِ البُعد عن الله، قال ابنُ القيِّم رحمه الله: "ومَن تأمَّل فسادَ العالَم عمومًا وخُصوصًا وجدَه ناشئًا من الغَفلة واتِّباع الهوى".

والمسلمُ إن رأى في أخيه قصورًا أو خَللاً وجبَ عليه إصلاحُه، يفعلُ ذلك عقيدةً في قلبِه، ويظهرُ ذلك على جوارِحه؛ إذِ النصيحة أصل الدين، قال عليه الصلاة والسلام: ((الدين النصيحة)) رواه مسلم. قال النووي رحمه الله: "مَدارُ الدّين على حديث: ((الدين النصيحة))".

والنصيحة من مُعتقَد أهل السنة والجماعة، قال شيخ الإسلامِ رحمه الله: "ويَدينون ـ أي: أهل السنة والجماعة ـ بالنصيحة للأمة".


وهي دأْبُ الأنبياء والمرسَلين، قال نوحٌ عليه السلام لقومه: أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ [الأعراف: 62]، وقال هود عليه السلام: أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِين [الأعراف: 68]، وقال صالحٌ عليه السلام: يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ [الأعراف: 79]، وقال شعيبٌ عليه السلام: يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ [الأعراف: 93].

وبعث الله موسى لتذكيرِ الناس، قال عزّ وجلّ: وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون [القصص: 46].

ومن أخصِّ صفاتِ نبيِّنا محمّد أنّه مُذكِّر، قال الله تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر [الغاشية: 21]. قال عليٌّ رضي الله عنه: (كان النبيّ يخطُبُنا فيُذكِّرُنا بأيام الله) رواه أحمد.

وهي من عباداتِ الصالحين، قال سُبحانه: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم [لقمان: 13].

وامتَثَلها الصحابةُ رضِي الله عنهم في حَياتهم، فكان عمر رضي الله عنه يقول لأبي موسى رضي الله عنه: ذكِّرنا ربَّنا، فيقرأ عنده القرآن. وكان ابن مسعودٍ رضي الله عنه يقول: (أتخوَّلُكم بالموعظة كما كان النبي يتخوَّلنا بها) متفق عليه.


واشترَط النبيُّ على من أسلَمَ مِن الصحابةِ فعلَ هذه العِبادة، قال جريرٌ رضي الله عنه: (بايَعتُ النبيَّ على الإسلام، فاشتَرط عليَّ النصحَ لكلِّ مسلم) متفق عليه.


وهي من حُقوق المسلِم على أخيهِ المسلِم، قال عليه الصلاة والسلام: ((حقُّ المسلِم على المسلِم ستّ: إذا لقيتَه فسلِّم عليه، وإذا دعَاك فأجِبْه، وإذا استَنصَحَك فانصَح له، وإذا عَطَسَ فحَمِدَ الله فشَمِّتْه، وإذا مرِضَ فعُدْه، وإذا ماتَ فاتبعه)) رواه مسلم. قال ابن رجب رحمه الله: "قد تُرفعُ الأعمال كلُّها عن العبد في بعضِ الحالات، ولا يُرفعُ عنه النّصحُ لله".

ومن خصالِ الإيمان الواجبة حبُّ الخير للمسلمين، والخوفُ عليهم من السيِّئات والعقوباتِ، قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمِن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه)) متفقٌ عليه. قال الذهبيّ رحمه الله: "من لم ينصَح لله وللأئمّة وللعامّة كان ناقصَ الدين".


النصيحة تُصلِح المجتمعَ، وتَجلِبُ له الأُلفة، وتُبعِدُ عنها الغِيبة، وهي من الأعمالِ الدالّة على صفاء السّريرة، قال الفضيل رحمه الله: "ما أدرَك عندَنا من أدرَك بكثرةِ الصلاة والصيام، وإنما أدرَك عندَنا بسخاءِ الأنفس وسلامةِ الصدور والنصح للأمّة، وأنصحُ الناس لك من خاف الله فيك".

وكان السلفُ يحبُّون من يُبصِّرهم بعيُوبهم، قال مِسعَرُ بن كِدام رحمه الله: "رحِم الله من أهدَى إليَّ عُيوبي في سرٍّ بيني وبينه".

ولا غنى لأحدٍ عن التذكير، فإن كان المنصوحُ ذا خيرٍ عمَّ خيرُهُ. أشارَ عمر رضي الله عنه على أبي بكرٍ رضي الله عنه بجمعِ القرآن، فجمَعَه فانتفعت الأمة برأيه.

وقال رجلٌ في مجلسٍ فيه الإمامُ البخاريّ: لو جَمعتُم كتابًا مختصرًا لسنَن النبيِّ ، قال البخاري: فوقَع ذلك في قلبي، فأخذتُ في جمع الصحيح. فكان غُرَّةً في جبين الزّمان. وجمع الإمام مسلمٌ صحيحَه بطلبٍ من غيره، فصار نفعُهُ في الآفاق.

والغافِل أيضًا يحتاج إلى نُصح الناصح، دُعِي عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه إلى الإسلامِ، فكان فاروقَ هذه الأمة. وأبو بكرٍ رضي الله عنه دعا عثمانَ بن عفان وعبدَ الرحمن يبن عوف وطلحة وأبا عبيدة والزبير إلى الدين، فكانوا من العشرة المُبشَّرين بالجنة.

والنصيحةُ واجبةٌ على كلِّ عبدٍ، فينصَح لنفسِه بطاعتِه لربِّه والبُعدِ عن معاصيه، ولكتاب ربِّه بتعلُّمه وتعليمه وفهمه والعمل به، ولرسولِه بامتثال أوامره وعدم الابتِداع في الشريعة، ولأئمَّة المسلمين بإعانتهم على الحقِّ وتذكيرهم به والدّعاء لهم، والنصح لعامّة المسلمين بجلب الخير لهم ودَرء الشر عنهم. قال النبي : ((الدين النصيحة))، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمّة المسلمين، وعامتهم)) رواه مسلم.

والله أمر بنُصح كلِّ أحدٍ وإن علا وطغَى، قال الله لموسى وهارون: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى [طه: 43]، وأمر الله رسولَه عليه الصلاة والسلام أن يَعِظ المنافقين، فقال: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا [النساء: 63].

ونصَح النبيُّ الصغارَ، فقال لابن عباس وهو صغير: ((يا غلام، احفَظِ الله يحفظك)) رواه الترمذي، وقال للجاريةِ الصغيرة: ((أين الله؟)) قالت: في السماء. رواه مسلم.

ومن نصَح وجَب عليه أن يبذَل غايةَ النّصح للمنصوح، وأن يَعدِل في قولِه ولفظه، والحياءُ لا يمنعُ من النصيحة. وتكون بأحسنِ الألفاظ وأحكمِها، قال جلّ شأنه: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل: 125]، وتكون بالقولِ اللّيّن، قال عز وجل: فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه: 44]. وتكون في حال سرٍّ بينك وبين من تَنصحه، قال ابن رجبٍ رحمه الله: "كان السّلَف إذا أرادوا نصيحةَ أحدٍ وعظوه سرًّا".

وإن رُدَّ قول الناصِح فلا يحزَن، فقد أدَّى عبادةً، فليرجُ قبولها، وليس أحدٌ من الناس لا تُرجَى هِدايَتُه، قال سبحانه: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى [عبس: 3، 4].


ومن قام بالنصيحة وتجرَّد لله وبذَل المجهودَ فيها بالصّدق مع الله فحَقُّه الإكرام والدعاء والثناء، قال الحسن رحمه الله: "مَا زال للهِ نُصحاءُ ينصَحون لله في عبادِه، وينصحون لعبادِ الله في حقِّ الله، ويعمَلون لله في الأرضِ بالنّصيحة، أولئك خُلفاءُ الله في الأرض".

ومن أعرضَ عن نصيحةٍ قُدِّمَت لَه ندِمَ، قومُ صالحٍ عليه السلام نَصحَهم نبيُّهم، فَردُّوا نُصحَه فعاقَبهم الله، وقال لهم نبيُّهم: وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِين [الأعراف: 79]. وسعادةُ المجتمَع بحبِّ النصيحة والعمل بها ومحبة الناصحين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب [المائدة: 2].

بارَك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعني الله وإيّاكم بما فيه منَ الآيات والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفورُ الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهَد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابِه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

أيُّها المسلمون، مِن فضل الله على عباده أن وضَع لهم مع نُصحِ الناصحين دلائلَ وأسبابًا تعِظُ النفسَ وتُحيِي القلب، فالقرآنُ والسنّة موعِظة، قال عزّ وجلّ: وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِه [البقرة: 231].

والتفكُّر في خلق الله يُعظِّمُ الخالقَ، قال عزّ وجلّ: وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون [البقرة: 221].

ونِعم الله واستشعارُها تجلبُ الحياءَ من الله وتُباعِده عن المعاصي، قال الله لموسى عليه السلام: أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ [إبراهيم: 5].

وزيارَة الرّجال للمقابرِ من الموعِظات، قال عليه الصلاة والسلام: ((زوروا القبور؛ فإنها تُذكِّر الموت)) رواه مسلم.

والابتلاءاتُ نَذيرُ عودةٍ إلى الله، قال جلّ شأنه: أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُون [التوبة: 126].

فواجبٌ على المسلِم أن يَصغَى لنصيحة الناصح وتذكير المُذكِّر، وأن يُقابلَ ذلك بالقبول والعمل، إمّا قيامًا بواجبٍ، أو كفًّا عن مُحرَّم.

ثم اعلَموا أنّ الله أمرَكم بالصلاة على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبَارِك على نبيِّنا محمَّد، وارضَ اللّهمّ عن خُلفائه الرّاشدين الذين قضَوا بالحقِّ وبه كانوا يعدلون: أبي بكرٍ وعمَر وعثمانَ وعليّ، وعَن سائرِ الصحابة أجمعين، وعنّا مَعهم بجُودِك وكرَمك يا أكرم الأكرمين.

اللّهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشرِكين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعَل اللّهمّ هذا البلدَ آمنًا مطمئنًّا رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين...



منقول

للشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم
أسد الليل غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر رد
مين بيعرف في الدين شيئ فل يدخل نجيد يوسف المنتدى الاسلامي 6 05-27-2010 06:20 PM
شوفو البرتقالي صار موضه الحين yoya ديكور و اثاث منزلي 2 05-15-2009 07:16 PM
عام عز الدين القسام News المنتدى العام 0 01-25-2009 08:18 PM


الساعة الآن 01:36 PM.



تعريف :

نجاح نت منتدى يهتم بجميع متطلبات مستعملي الإنترنيت وخصوصا البرامج وشروحتها وأمور ديننا الحنيف و المناهج الدراسية والألعاب...


جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd diamond