مشرف سابــق وبروفسور الفلسفة
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: تونس
المشاركات: 187
ثلاثون سببا للسعادة
ثلاثون سببا للسعادة
سؤال يطرح دائما: كيف يكون الإنسان سعيدا؟ ماهي الوسائل التي تحقق للإنسان السعادة؟فيم تتمثل السعادة؟ هل في جمع المال أو بلوغ الجاه أو في دوام الصحة أو...
وضع الداعية عائض بن عبد الله القرني مجموعة من الأسباب التي تجعل من الإنسان سعيدا إذا عمل على الالتزام بها و سأحاول أن اذكرها حتى تكون بين أيدي رواد المنتدى و الله الموفق .
كتب الداعية مجموعة هذه الأسباب و هو بجوار بيت الله الحرام في مهبط الوحي و كما يقول: " إنها أشبه بغصن الريحان خفيف المحمل طيب الرائحة توضع في درج المكتب و بجوار مخدة النوم."
السبب الأول: فكر و اشكر
ذكر نعم الله التي أعطاها لنا: صحة في أبداننا و أمن في أوطاننا و غذاء و كساء و هواء و ماء و...يقول : " هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك و قد بترت أقدام و أن تعتمد على ساقيك و قد قطعت سوق و أن تملأ معدتك من الطعام الشهي و أن تكرع من الماء البارد و هناك من عكّر عليه الطعام و نغّص عليه الشراب بأمراض و أسقام.تفكر في سمعك و قد عوفيت من الصمم و تأمل في نظرك و قد سلمت من العمى و انظر إلى جلدك و قد نجوت من البرص و الجذام و إلمح عقلك و قد أنعم عليه بحضوره و لم تفجع بالجنون و الذهول." .
لنفكر في أنفسنا و أهلنا و أبداننا و بيوتنا و أعمالنا و عافيتنا و أصدقاؤنا و الدنيا من حولنا و نشكر المنعم على ما أنعم علينا من النعم ظاهرة و باطنة.
السبب الثاني: ما مضى فات
ما مضى لا يمكن أن يعود لأنه مضى و انتهى لا الحزن يعيده و لا الهم يصلحه يقول: " القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر و تمزيق للجهد و نسف للساعة الراهنة ذكر الله الأمم و ما فعلت ثم قال: "تلك أمة قد خلت".انتهى الأمر و قضي و لا طائل من تشريح جثة الزمان و إعادة عجلة التاريخ".
إن العقلاء لا ينظرون إلى الوراء و لا يلتفتون إلى الخلف لأن الريح تتجه إلى الأمام و الماء ينحدر إلى الأمام و القافلة تسير إلى الأمام فلا تخالف سنة الحياة.
السبب الثالث: يومك يومك
اليوم هو الذي ستعيش فإصرف تركيزك و اهتمامك و إبداعك و كدّك و جدّك لهذا اليوم لا تنظر إلى هواجس الماضي الذي انقضى و لا إلى توقعات المستقبل الذي سيأتي .يقول: " لليوم هذا الذي أنت فيه قسّم ساعاته و اجعل من دقائقه سنوات و من ثوانيه شهور تزرع فيه الخير و تسدي فيه الجميل و تستغفر فيه من الذنب و تذكر فيه الرب تتهيأ للرحيل و تعيش الفرح و السرور و الأمن و السكينة و ترضى برزقك تعيش هذا اليوم بلا حزن و لا انزعاج و لا سخط و لا حقد و لا حسد."
عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها أيضا على مكتبك : يومك يومك.و حينها تستغل كل لحظة فيه فتقول: لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا انطق هجرا أو فحشا أو سبّا أو غيبة لليوم سوف أرتّب بيتي و مكتبتي فلا ارتباك و لا عثرة و إنما نظام .يقول: " لليوم فقط سأعيش فيا ماضي ذهب و انتهى أغرب كشمسك لن أبكي عليك و لن تراني أقف لأتذكرك لحظة لأنك تركتننا و هجرتنا و ارتحلت عنّا و لن تعود إلينا أبد الآبدين و يا مستقبل أنت في عالم الغيب لن أتعامل مع الأحلام و لن أبع نفسي مع الأوهام و لن أتعجل ميلاد مفقود لأن غدا لا شيء لأنه لم يخلق و لأنه لم يكن مذكورا."
إذن يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها و أجمل حللها.
السبب الرابع: اترك المستقبل حتى يأتي
لا تستبق الأحداث فالغد مفقود لا حقيقة له و علينا أن لا نعبر جسرا حتى نتهيأ لعل الجسر ينهار قبل وصولنا يقول: " إن كثيرا من العالم يتوقع في مستقبله الجوع و العري و المرض و الفقر و المصائب و هذا كله من مفردات مدارس الشيطان" .
فلا تبكي لأنك سوف تجوع و سوف تمرض و سوف ينتهي العالم أترك غدك حتى يأتيك لا تسأل عن أخباره لا تنتظر زحفه لأنك مشغول باليوم و حذار من طول الأمل.
السبب الخامس: كيف تواجه النقد الآثم
سوف تواجه النقد و الحسد في حياتك لأن الناس يغضبون على من يفوقهم صلاحا و علما و أدبا و مالا و لن يتركوك حتى تنخلع عن صفات الحمد و تصبح محطما.يقول: " انك إن أصغيت لكلام هؤلاء و تفاعلت معه حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك و تكدير عمرك ألا فأصفح الصفح الجميل آلا فأعرض عنهم و لا تك في ضيق مما يمكرون إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك و بقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل."
إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت عيوبي فقل لي كيف اعتذر
و كما يقول حاتم الطائي:
و كلمة حاسد من غير جرم سمعت فقلت مري فأنقذيني
و عابوها علي و لم تعبني و لم يند لها أبدا جبيني
السبب السادس: لا تنتظر شكرا من احد
كما يقول الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله و الناس
اعمل الخير لوجه الله لأنك من ستجني ثماره فلا تنتظر جزاء و لا شكورا لأنهم لا يملكون لذلك سبيلا.يقول: " لا تفاجأ إذا أهديت بليدا قلما فكتب به هجاءك أو منحت جافيا عصا يتوكأ عليها و يهشّ بها على غنمه فشجّ بها رأسك "
و كما يقول الشاعر:
أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني
السبب السابع:الإحسان إلى الغير انشراح للصدر
لا تتوانى على الإنفاق و العطاء متى كنت قادرا على ذلك ففعل الخير كالمسك ينفع حامله و بائعه و مشتريه .يقول: " الجميل كإسمه و المعروف كرسمه و الخير كطعمه . شربة ماء من كف بغي لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السموات و الأرض لأن صاحب الثواب غفور شكور جميل "
فلا تحرم نفسك هذه الجنة و أسعى في رعاية المحتاجين و فتح الباب على المضامين و نصرة المستضعفين و ارحم من بجوارك يرحمك رب السماء يوم لا ينفع مال و لا بنون.
السبب الثامن: اطرد الفراغ بالعمل
العمل ثم العمل فلا مجال للفراغ في حياة الإنسان إذا أراد أن يكون سعيدا.لأن الفراغ يدفعك إلى الانخراط في سلوكيات تسيء إليك و تقربك من جهنم يقول: " إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة و في فترات انتظار هذه القطرات يصاب السجين بالجنون".
الراحة غفلة و الفراغ لص و عقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية فاحذر الفراغ و أذبه بالعمل و انظر إلى الفلاحين و الخبازين و هم يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة و راحة .
السبب التاسع: لا تكن إمعة
إياك و تقمص شخصية غيرك و الانخراط في تقليد الآخرين فتفقد كل معالمك الخاصة بك.يقول: " أنت شيء آخر لم يسبق لك في التاريخ مثال و لن يأتي مثلك في الدنيا شبيه أنت مختلف تماما عن زيد و عمرو فلا تحشر نفسك في سرداب التقليد ".
لا تنسى أنك خلقت بمفردك و إن كنت في الوجود مع غيرك فإنك سترحل بمفردك فحافظ على تميزك و على شخصيتك المتفرد بها عن غيرك.
السبب العاشر: قضاء و قدر
استسلم للقدر لأنه حاصل لا مفر منه و ليس لك أن تعترض عليه فما أصابك ما كان ليخطئك و ما أخطاك ما كان ليصيبك يقول: " لا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن أو خسارة مالية أو احتراق بيت ...هنيئا لأصحاب المصائب صبرهم و رضاهم عن الآخذ المعطي القابض الباسط لا يسأل عما يفعل و هم يسألون".
إياك و معاندة قضاء الله و قدرك فتكن من الخاسرين في الدارين.
السبب الحادي عشر:إن مع العسر يسرا
ابتعد عن ضعفك و ظن بربك خيرا.ما خلقك إلا ليعطيك و ما منع عليك إلا ليحميك من نفسك.
يقول: " لا تضق ذرعا فمن المحال دوام الحال و أفضل العبادة انتظار الفرج فالأيام دول و الدهر قلب و الليالي حبالى و الغيب مستور و الحكيم كل يوم هو في شأن و لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا و إن مع العسر يسرا."
لن يدوم العسر و إنما سينقلب يسرا بإذن الله المهم أن تصبر و تؤمن بما أتاك الله .
السبب الثاني عشر: اصنع من الليمون شرابا حلوا
طرد النبي صلى الله من مكة فأقام في المدينة دولة ملأت سمع التاريخ و بصره. و سجن احمد بن حنبل و جلد فصار إمام أهل السنة و حبس ابن تيمية فأخرج من حبسه علما جمّا و نفي ابن الجوزي من بغداد فجوّد القراءات السبع .يقول: " إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها و إذا ناولك احدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من السكر و إذا أهدى لك ثعبانا فخذ جلده الثمين و أترك باقيه و إذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقي و مناعة حصينة ضد سم الحيات."
و كما ورد في التاريخ عندما سجنت فرنسا قبل ثورتها شاعرين متفائلا و متشائما فأخرجا رأسهما من نافذة السجن المتفائل نظر نظرة في النجوم فضحك أما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى. انظر إلى الوجه الآخر للمأساة لأن الشر المحض ليس موجودا بل هناك خير و مكسب و فتح و أجر.
السبب الثالث عشر: أمن يجيب المضطر إذا دعاه
عليك أن تدعو من لا ينام هو الذي يكون إلى جانبك دائما ادعوه في الشدّة و الرخاء و السراء و الضراء و توسل إليه و ألح في طلبه يقول : " و إن عبدا يجيد فن الدعاء حري أن لا يهتم و لا يغتم و لا يقلق كل الحبال تنصرم إلا حبله كل الأبواب توصد إلا بابه و هو قريب سميع مجيب يجيب المضطر إذا دعاه".
عليك أن تلحّ في طلبه و لا تقلق من ذلك لأنه سيجيبك لا محالة فمد يديك و ارفع كفيك و أطلق لسانك إنه قريب منك يراك و لا تراه.
السبب الرابع عشر: و ليسعك بيتك
في بيتك يهدأ بالك و يرتاح خاطرك و تبتعد عن رفقة السوء يقول:" ابك على خطيئتك و امسك عليك لسانك و ليسعك بيتك الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس و تهديد خطير لدنيا الأمن و الاستقرار في نفسك لأنك تجالس أساطين الشائعات و أبطال الأراجيف و أساتذة التبشير بالفتن و الكوارث و المحن ".
اقبل على شأنك و انزوي في غرفتك حينها تجد قلبك عاد إليك فسلم وقتك من الضياع و عمرك من الإهدار و قلبك من القلق .
السبب الخامس عشر: العوض من الله
لا تنتظر من إنسان مثلك أن يعوضك عن ما أخذه منك الجبار فهو الوحيد القادر على أن يأخذ منك ما يشاء و أن يعوضك بما يشاء متى يشاء.يقول: " إن عمر الدنيا قصير و كنزها حقير و الآخرة خير و أبقى فمن أصيب هنا كوفي هناك و من تعب هنا ارتاح هناك ."
فلا تجعل الدنيا وجهتك و تنسى الآخرة لأن جزاء الآخرة أبقى و أوفى و لا تبتئس حينما تصيبك مصيبة و إنما توجه إلى البارئ و قل لن يصيبنا إلا ما كتب لنا إنا لله و إنا إليه راجعون.
السبب السادس عشر: الإيمان هو الحياة
كما يقول الشاعر:
إذا الإيمان ضاع فلا حياة و لا دنيا لمن لم يحي دينا
فالإيمان مطلبك لا ترتحل عنه يقول: " و بقدر إيمانك قوة و ضعفا حرارة و برودة تكون سعادتك و راحتك و طمأنينتك".
فلا تجعل نفسك من الأشقياء الذين أفلسوا من كنوز الإيمان و من أرصدة اليقين فهم أبدا في تعاسة و غضب و مهانة و ذلة.
السبب السابع عشر: اجن العسل و لا تكسر الخلية
كن رفيقا بمن حولك من عباد و سوائم و كن لينا في خطابك و لتكن الكلمة الطيبة جارية على لسانك .و كما يقول الشاعر:
سهرنا و نام الركب و الليل مسرف و كنت حديث الركب في كل منزل
يقول: " إن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم" فهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجياشة و حلمهم الدافئ و صفحهم البريء يتناسون الإساءة و يحفظون الإحسان تمرّ بهم الكلمات النابية فلا تلج آذانهم بل تذهب بعيدا هناك إلى غير رجعة".
يقول الشاعر :
من سالم الناس يسلم من عواذلهم و نام وهو قرير العين جذلان
السبب الثامن عشر: ألا بذكر الله تطمئن القلوب
إذا وجدت ضيقا في الصدر فعليك بالدعاء و التوجه إلى من خلق السماوات و الأرض لأنه ليس هناك من عمل اشرح للصدر و أعظم للأجر كالذكر و ذكر الله جنته في أرضه من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة و هو إنقاذ للنفس من اوصابها و أتعابها و كما يقول الشاعر:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم و نترك الذكر أحيانا فننتكس
يقول : " يا من شكا الأرق و بكى من الألم و تفجع من الحوادث و رمته الخطوب هيا اهتف باسمه المقدس هل تعلم له سميا.
الله أكبر كل همّ ينجلي عن قلب كل مكبّر و مهلّل
بقدر إكثارك من ذكره ينبسط خاطرك و يهدأ قلبك و تسعد نفسك و يرتاح ضميرك ".
فأحسن الظن به و انتظر فرجه و ردد اسمه في كل زمان و مكان ثناء و مدحا و دعاء و سؤالا و استغفارا فسوف تجد نفسك سعيدا و آمنا و مسرورا.
السبب التاسع عشر: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله
إياك و الحسد فالحسد مرض مزمن يعيث في الجسم فسادا و قد قيل: لا راحة لحسود فهو ظالم في ثوب مظلوم و عدو في جلباب صديق.و يقول الشاعر:
لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله
يقول: " كل يصالح إلا الحاسد فالصلح معه أن تتخلى عن نعم الله و تتنازل عن مواهبك و تلغي خصائصك و مناقبك فإن فعلت ذلك فلعله يرضى عن مضض ".
إياك و الحسد و استعذ بالله من الحاسد فإنه لك بالمرصاد ينتظرك في كل مكان يريدك أن تستسلم له فيغريك فلا تألفه و يسحرك فلا تعانده.
السبب العشرون: اقبل الحياة كما هي
يقول الشاعر:
طبعت على كدر و أنت تريدها صفوا من الأقذاء و الأكدار
تلك هي حال الدنيا ألا تريد أن تمتحن لكي تعرف درجة إيمانك يقول: " اقبل دنياك كما هي و طوع نفسك لمعايشتها و مواطنتها فسوف لا يصفو لك فيها صاحب و لا يكمل لك فيها أمر لأن الصفو و الكمال و التمام ليس من شأنها و لا من صفاتها".
فعليك أن تدرك ذلك و تؤمن به فتعفو و تصفح و تأخذ ما تيسر و تذر ما تعسر و تغمض الطرف أحيانا و تسدد الخطى و تتغافل عن أمور و كما يقول الشاعر:
و من لم يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب و يوطأ بمنسم
السبب الحادي و العشرون: تعز بأهل البلاء
لست وحدك المصاب بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل فكم من مريض يتقلب على سريره من أعوام و كم من محبوس لم ير الشمس بعينيه و ما عرف غير زنزانته و كم من فقد عزيزا في ريعان عمره و كم من مكروب و مديون و مصاب و منكوب .عليك أن تتعزى بهؤلاء و أن تعلم علم اليقين أن هذه الحياة سجن للمؤمن و دار للأحزان و النكبات. تصبح القصور حافلة بأهلها و تمسي خاوية على عروشها. يقول: " عليك أن توطّن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة و عليك أن توازن مصابك بمن حولك و بمن سبقك في مسيرة الدهر ليظهر لك انك معافى بالنسبة لهؤلاء و انه لم يأتك إلا وخزات سهلة فاحمد الله على لطفه و اشكره على ما أبقى و احتسب ما اخذ و تعز بمن حولك".
و تذكر سيرة الأنبياء و اقتدي بها فقد قتل زكرياء و ذبح يحيى و هاجر موسى و وضع الخليل في النار و طرد الحبيب من مكة و كذلك الصحابة قتل عمر و اغتيل عثمان و طعن علي و جلدت ظهور الأئمة و سجن الأخيار و نكل بالأبرار فأين مصابك من كل هذا اشكر الله و احمده على ما أصابك به .
السبب الثاني و العشرون:الصلاة...... الصلاة
كلما أوحشت نفسك قم توضأ و صلي فالصلاة كانت قرة عين الحبيب المصطفى و سعادته و بهجته .يقول: " إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد و أن يمرغ جبينه ليرضي ربه أولا و لينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب و إلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه و الحزن سوف يحطم أعصابه و ليس لديه طاقة تمده بالسكينة و الأمن غير الصلاة".
علينا أن نعلم أن من أعظم النعم الصلاة كل يوم فهي كفارة لذنوبنا و رفع لدرجاتنا عند المولى و هي علاج لمآسينا و أسقامنا تسكب في ضمائرنا مقادير زكية من اليقين و تملئ جوانحنا بالرضا.
السبب الثالث و العشرون:حسبنا الله و نعم الوكيل
فوض أمرك إلى الله و توكل عليه و ثق بوعده و أرضى بصنيعه و أحسن الظن به و انتظر فرجه و جني ثماره.و كما يقول الشاعر:
و إذا الرعاية لاحظتك عيونها نم فالحوادث كلهن أمان
عندما القي أبونا إبراهيم في النار قال: حسبنا الله و نعم الوكيل فجعلها الله عليه بردا و سلاما يقول:" فيا من أراد أن ينصح نفسه توكل على القوي الغني ذي القوة المتين لينقذك من الويلات و يخرجك من الكربات و اجعل شعارك و دثارك حسبنا الله و نعم الوكيل فإن قلّ مالك و كثر دينك و جفت مواردك و شحت مصادرك فنادي حسبنا الله و نعم الوكيل و إذا داهمك المرض و ألمح عليك السقم و تضاعف عليك البلاء فقل حسبنا الله و نعم الوكيل و إذا خفت من عدو أو رعبت من ظالم أو فزعت من خطب فاهتف حسبنا الله و نعم الوكيل".
ستجده إلى جوارك لأنه قريب من عباده إذا دعوه يستجيب لهم و يلبي لهم ما طلبوا إذا استقاموا و امنوا به و فعلوا ما أمروا به.
السبب الرابع و العشرون: قل سيروا في الأرض
مما يشرح الصدر و يزيح الهم و الغم السفر و التقلب في الأرض الواسعة و النظر في كتاب الكون المفتوح لتشاهد أقلام القدرة و هي تكتب على صفحات الوجود آيات الجمال.يقول: " اهتف ببصرك و سمعك و قلبك:انفروا خفافا و ثقالا تعالى لتقرأ القرآن بين الجداول و الخمائل بين الطيور و هي تتلو خطب الحب و بين الماء و هو يروي قصة وصوله من التل".
و كما يقول الشاعر:
أيها ذا الشاكي و ما بك داء كن جميلا تر الوجود جميلا
أترى الشوك في الورود و تعمى أن ترى فوقه الندى إكليلا
السبب الخامس و العشرون: فصبر جميل
تحلى بالصبر فإنه من شيم الأقوياء ذوي الإرادة و لأنك إذا لم تصبر فماذا ستصنع؟ و هل عندك حل لك غير الصبر و هل لك زادا غيره؟
وكما يقول الشاعر:
تنكر لي دهري و لم يدر أنني أعز و أحداث الزمان تهون
فبات يريني الدهر كيف عتوه و بت أريه الصبر كيف يكون
يقول: " و اصبر و ما صبرك إلا بالله اصبر صبر واثق بالفرج عالم بحسن المصير طالب للأجر راغب في تكفير السيئات اصبر مهما ادلهمت الخطوب و أظلمت أمامك الدروب فإن النصر مع الصبر و إن الفرج مع الكرب و إن مع العسر يسرا".
مرض أحد الصالحين فقيل له : ماذا يؤلمك؟
فقال:
تموت النفوس بأوصابها و لم يدر عوادها ما بها
و ما أنصفت مهجة تشتكي أذاها إلى غير أحبابها
السبب السادس و العشرون: لا تحمل الكرة الأرضية على راسك
يقول: " أهل المبدأ الحق تزيدهم العبر و العظات إيمانا إلى إيمانهم و أهل الخور تزيدهم الزلازل خوفا إلى خوفهم و ليس أنفع أمام الزوابع و الدواهي من قلب شجاع فإن المقدام الباسل واسع البطان ثابت الجأش راسخ اليقين بارد الأعصاب منشرح الصدر أما الجبان فهو يذبح نفسه كل يوم مرات بسيف التوقعات و الأراجيف و الأوهام و الأحلام ".
كن شجاعا و لا تستخف بالأمور صغيرها و كبيرها و لا تكن في ضيق من أمرك و كن أصلب من الأحداث و أعتى من رياح الأزمات التي تحل بك و أقوى من الأعاصير التي تعيشها .
السبب السابع عشر: لا تحطمك التوافه
كم من مهموم سبب همه أمر حقير تافه لا يذكر. يقول: " اطرح التوافه و الاشتغال بها تجد أن أكثر همومك ذهبت عنك و عدت فرحا مسرورا".
لا يعطلك ماهو تافه فتقعد ملوما مدحورا لا تعره شأنا و انصرف عنه إلى ماهو اكبر و أهم لأن جزاؤه أوفر .
السبب الثامن و العشرون: أرضى بما قسم لك الله تكن أغنى الناس
عليك أن تقنع بما قسم الله لك من الرزق و المال و الولد و تذكر الصحابة و انهل من سيرتهم فقد كانوا فقراء لا يعرفون سوى البذل و العطاء لأن ما يبذلونه سيجدونه خيرا يوم الحساب.
يقول: "إذا كنت تريد أن تكون سعيدا فأرضى بصورتك التي ركبك الله فيها و أرضى بوضعك الأسري و مستوى فهمك و دخلك بل إن بعض المربين الزهاد يذهبون إلى أبعد من ذلك فيقولون لك أرضى بأقل مما أنت فيه و بدون ما أنت عليه و انشدوا:
سعادتك العظمى إذا كنت عاقلا مناك بحال دون حال تعيشها".
الرضا بما قسم لك الله هو الذي يحقق لك السعادة لأنك لن تنظر إلى ما في يد غيرك و إنما ستهتم بما بين يديك فتحمد الله عليه و تشكره على ما انعم عليك من النعم ظاهرة و باطنة.
السبب التاسع و العشرون: ذكر نفسك بجنة عرضها السماوات و الأرض
الجنة هي مناك و لكن تحقيق الأمنية لا يكون إلا بالاستعداد لها جيدا فإن جعت في هذه الدار أو افتقرت أو حزنت أو مرضت أو بخست حقا أو ذقت ظلما فذكّر نفسك بالنعيم و الراحة و السرور في جنات النعيم.انك إن اعتقدت هذه العقيدة و عملت لهذا المصير تحولت خسائرك إلى أرباح و بلاياك إلى عطايا.يقول: " إن أعقل الناس هم الذين يعملون للآخرة لأنها خير و أبقى و إن أحمق و أبله هذه الخليقة هم الذين يرون أن هذه الدنيا هي قرارهم و دارهم و منتهى أمانيهم فتجدهم اجزع الناس عند المصائب اندمهم عند الحوادث لأنهم لا يرون إلا حياتهم الزهيدة الحقيرة لا ينظرون إلا إلى هذه الفانية لا يتفكرون في غيرها و لا يعملون لسواها " .
تأمل وصف أهل الجنة في القرآن سوف تشتاق إليها و إليهم فتنصرف نفسك إلى عشقها و الهيام بها.فاجعل العمل الصالح هدفك و بلوغ جنة الخلد منتهى أمانيك.
السبب الثلاثون: و كذلك جعلناكم امة وسطا
العدل مطلب عقلي و شرعي فلا إفراط و لا تفريط و من أراد السعادة فعليه أن يضبط عواطفه و اندفاعاته و ليكن عادلا في رضاه و غضبه و سروره و حزنه لأن الشطط في التعامل مع الأحداث ظلم للنفس و الوسطية غاية كل مسلم لابد أن يسعى إليها يقول: " اجلس قلبك على كرسيه فأكثر ما يخاف لا يكون و لك قبل وقوع ما تخاف وقوعه أن تقدر أسوأ الاحتمالات ثم توطن نفسك على تقبل هذا الأسوأ حينها تنجو من التكهنات الجائرة التي تمزق القلب قبل أن يقع الحدث ... فيا أيها العاقل النابه أعط كل شيء حجمه و لا تضخم الأحداث و المواقف و القضايا بل اقتصد و اعدل و لا تجور و لا تذهب مع الوهم الزائف و السراب الخادع."
هذه إذن مجموعة من الأسباب التي تجعلك سعيدا و لك إن شئت أن تكرر قراءتها و أن تعيد جملها و أن تتمعن في كلماتها و أن تطالب نفسك بالالتزام بها و اسأل نفسك عند قراءتك لها: هل تغير في ذهنك شيء ؟هل ترى أثرها في روحك؟
التعديل الأخير تم بواسطة عزيز منير ; 09-27-2008 الساعة 12:40 AM
سبب آخر: اصلاح العنوان
09-27-2008, 12:38 AM
تعليمات المشاركة
العرض العادي
