الفلسفة نجاح نت الفلسفة كل مايتعلق بمادة الفلسفة من دروس الفلسفة وتمارين في المجزؤات والمفاهيم الفلسفية وحلول,إمتحانات موحدة ,إمتحانات جهوية,حلول الإمتحانات,1bac,2bac,Recherches,Examen Cours, Exercices لتلامدة الإبتدائي والإعدادي والتانوي وبشمول الجدع مشترك و الأولى باك والتانية باك.

إضافة رد
أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع
قديم 09-17-2008, 08:50 PM
  #1
عزيز منير
مشرف سابــق وبروفسور الفلسفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: تونس
المشاركات: 187
عزيز منير will become famous soon enoughعزيز منير will become famous soon enough
Thumbs up الحق و العنف : الجزء الاول

اقدم لرواد المنتدى الجزء الاول من دراسة و بحث اتمنى ان يكون هذا المجهود عند حسن ظنهم و أشكرهم مسبقا على مرورهم.

الحــــــــــق و العنـــــــــــف


مقدمة عامة

لا يوجد مجتمع بشري يخلو من العنف أو من الحق بمعنى العلاقة التي تنظم العلاقات الاجتماعية فيوجد بالتالي تلازم بين الحق و العنف. و موضوع التفكير هو هذه العلاقة التي لا يمكن بمقتضاها التفكير في العنف دون الرجوع بطريقة أو أخرى إلى الحق و كذلك لا يمكن التفكير في الحق دون الرجوع إلى العنف.
علينا أن نتساءل عن طبيعة هذه العلاقة و عن محتواها و عن مختلف وجوهها الممكنة.
في مقاربة أولى يظهر الحق كنفي للعنف إذ أنه ينظم العلاقات بين الناس و يفضّ المشاكل على نحو سلمي و من خصائص الحق كقاعدة أنه يأمر و ينهى و يبيح. و من ناحية ثانية إذا نظرنا إلى العلاقة من جهة العنف نجد أن العنف يستدعي تدخل الحق و بالتالي إن مبرر الحق هو العنف باعتبار أن العنف خرق لقاعدة حقوقية أو هو على الأقل نفي لقيمة أخلاقية لكن ألا يمكن أن تصبح هذه القاعدة الحقوقية هي ذاتها الأداة المفضلة للعنف في صورته الخفية بحيث لا تكون العلاقة في هذه الحال علاقة تقابل بل إنما تكون علاقة تكامل حيث يجد العنف في القاعدة أو الحق ما يبرره؟
لكن هذه الحالات التي ذكرناها لا تستنفذ كل الإمكانيات التي تتضمنها هذه العلاقة إذ توجد بالفعل إمكانية ثالثة تتمثل في اللجوء إلى العنف لإثبات حق تعذر إثباته بكل الوسائل الأخرى بحيث يغدو العنف أداة لفرض الاعتراف بالحق.
و في الحقيقة إن مفهوما الحق و العنف يحيلان إلى شبكة من المفاهيم: الإنسان و العقل و الطبيعة.و يرتبطان بتصورنا للسلطة السياسية و من ثم فإن أي تحليل للعلاقة بينهما لا يكتسب معناه الحقيقي إلا حينما يتخذ من العلاقة بين المجتمع و الدولة مجالا له. و إذا كان الأمر كذلك فإنه لا يمكن تناول الحق و العنف باعتبارهما جوهرين ثابتين و أزليين رغم تبدل الأشكال التي يتحقق من خلالها كل واحد منهما .
ينبغي إذن اعتبارهما كنتائج تاريخية ظهرت في التاريخ و تتغير في محتواها و معناها و في هذه الحال يمكن النظر إلى العنف و الحق لا فقط من خلال أشكالهما التاريخية بل كذلك بالنظر إلى مستقبلهما إذ يمكن التساؤل عن إمكانية زوالهما بظهور مجتمعات تخلو فيها العلاقات الاجتماعية و السياسية من العنف و من الحق على حد السواء.
إن ما يميز التفكير الفلسفي في هذه العلاقة بين الحق و العنف عن بقية المقاربات الأخرى لها من قبل العلوم الإنسانية هو أنه يبحث في الأسس التي يتجذر فيها كل من الحق و العنف فإلى أي أساس يمكن إرجاع الحق؟ هل إلى الطبيعة العاقلة للإنسان أي إلى العقل أم نرجعه إلى مصدر يعلو على الإنسان مثل الطبيعة أو الإله؟ إلى أي أساس نرجع العنف ؟ هل نرجعه إلى الطبيعة الشريرة في الإنسان أم إلى قضاء محتوم من أصل ديني أم نرجعه إلى عدوانية طبيعية أم نرجعه إلى العلاقات الخارجة عن الإنسان و هي العلاقات الاقتصادية و السياسية؟
كيف يمكن الجمع بين الحق و العنف بالنظر إلى المصادر التي ينبع كل واحد منهما ؟
قبل تقديم مختلف الأطروحات حول وجوه العلاقة بين الحق و العنف و حول الأسس التي يتجذر فيها كل منهما ينبغي التعرف على مظاهر العنف حتى نتمكن من المكافحة بين المفهومين.

I. تعريف العنف

الكلمة بالفرنسية violence اشتقت من اليونانية Vis و تعني القوة. هل يمكن انطلاقا من المعنى الاشتقاقي لكلمة العنف أن نماهي بينه و بين القوة ؟
توجد وجهتا نظر: و جهة أولى تقابل بينهما و وجهة ثانية تربط بينهما دون الخلط بينهما.
علاقة التقابل بين العنف و القوة :
يرى Gusdorf في "La Vertu de la force أن القوة هي علامة على قوة الشخصية على الثقة في النفس،إنها إثبات للذات في حين أن العنف هو دليل على الضعف، على ضعف الشخصية و على الهروب أمام الواقع و يتناول العنف و القوة بالنظر إلى التكوين النفسي للشخصية و من ثم فإن العنف و القوة مقولتان نفسيتان.
أما اسبينوزا فإنه يقابل بين القوة و العنف ذلك أن القوة هي خاصية الكائن العاقل الذي يملك معرفة بالعالم و يتحرر بفضل هذه المعرفة من الانفعالات السلبية و يستبدلها بميولات إيجابية تعبر عن قوة شخصيته.
أما J. Freund فإنه يحلل التقابل بين العنف و القوة على المستوى السياسي: فالقوة هي القوة العمومية التي تتصرف فيها السلطة السياسية أما العنف فإنه يصدر عن الأفراد الذين يحتجون و يقفون ضد القوة العمومية. و يدافع J . Freund عن الأطروحة التي مفادها :إن كل احتجاج على القوة العمومية يولد العنف و يعتبر أن الاستدلال الذي يتخذ من تجاوزات السلطة ذريعة لمحاولة إقصاء القوة استدلال خاطئ خطأ الاستدلال الذي يتخذ من الأخطاء التي يرتكبها القضاة في أحكامهم ذريعة لرفض العدالة التي تسهر على تنظيم المحاكم.
إن العنف يتقابل مع القوة و لكن J . Freund يعترف هو ذاته إن القوة هي في المجال السياسي مجال الإكراه . و إذا كانت كل قوة هي أداة إكراه فكيف يمكن أن نحتفظ بالتقابل بين القوة و العنف أليس الإكراه عنفا؟
يجيب J . Freund إن الإكراه هو التمظهر للقوة في حين أن الاضطهاد هو تمظهر للعنف. مظاهر الإكراه ملازمة لكل مجتمع إنساني و لا يمكن التخلص منه. كيف يمكن التمييز بين الاضطهاد و الإكراه؟ و ماهو المقياس الذي يسمح بهذا التمييز ؟
يكتفي J . Freund صاحب هذه الأطروحة بالقول إن الإكراه ضروري لازم مهما كان النظام الاجتماعي في حين أن الاضطهاد الذي يعبر عن العنف يعبر عن عجز الفرد عن التأقلم و التكيف مع العلاقات السياسية التي ينخرط فيها فالعنف إذن هو تعبير عن لاعقلانية.
لكن رفض التعارض بين القوة و العنف لا يعني أنهما متطابقان ذلك أن القوة و العنف متميزان و مترابطان في نفس الوقت إذ يمكن أن توجد القوة دون أن يعني وجودها مباشرة العنف و يتمثل العنف في وجه من الوجوه في استعمال القوة لإكراه الآخر لنفي استقلاله الذاتي و هذا ما يمهد لتعريف العنف و نقترح تعريف Ives Michaud: " هناك عنف عندما يهدم بصورة مباشرة أو غير مباشرة دفعة واحدة أو تدريجيا أحد المتداخلين أو الكثير منهم الآخر أو ينالون من حرمته الجسمية أو النفسية أو من مكتسباته أو من انتسابه المتنوع الثقافي أو الرمزي ".
إذن لا يعني العنف فقط النيل من الحرمة الجسدية أو المعنوية للفرد إنما يتضمن كذلك كمظهر من مظاهره النيل من الانتساب الرمزي الثقافي أي النيل من المعتقدات و العادات و بهذا المعنى يكون منع الممارسات الدينية مظهر من مظاهر العنف و منع استعمال العنف شكل من أشكال العنف و بإيجاز يتضمن العنف بعدين اثنين كبيرين: البعد المادي و البعد المعنوي الرمزي.
ولكن صاحب هذا التعريف يعلق على تعريفه بأنه نسبي ذاتي ، ذلك أن إدراك العنف يختلف من ثقافة إلى أخرى و من عصر إلى آخر إذ ما يظهر عنفا للبعض لا يظهر كذلك للبعض الآخر إلا أنه بالإمكان التمييز بين إدراك العنف و تعريفه على أساس أن التعريف يحدد الخصائص المميزة للعنف في حين أن الإدراك يلتقط بعض مظاهر أو خصائص العنف في هذا الوضع أو ذاك و من ثم يمكن أن يكون التعريف واحدا و الإدراك نسبيا و على هذا النحو لا يرى البعض الاضطهاد الخفي و يرى البعض الآخر العنف الواضح المادي و قد يختفي العنف المعنوي الرمزي عن الأنظار في حين أن علم الاجتماع و يمثله بورديو Bourdier يتحدث عن عنف الخطاب المسيطر في المجتمع.
إن مظاهر العنف متعددة و معقدة منها ما هو واضح و منها ماهو خفي و إدراكها يختلف بالفعل باختلاف سلم القيم الذي تستند إليه النظرة إلى العنف فما يظهر في مجتمعات العالم الثالث على أنه أمر طبيعي و عادي يظهر للغربيين على سبيل المثال على أنه مظهر من مظاهر العنف لكن تنوع إدراك العنف لا يحول دون إمكانية تحديد تعريف موحد للعنف و يمكن أن نقدم كذلك المعنى القديم للعنف كما يتنزل ضمن النظرة اليونانية إلى العالم فقبل أن يعني العنف النيل من الحرية ومن الحرمة الجسدية أو المعنوية كان العنف يعني إخلال في النظام أي أنه فوضى و الفوضى هي غياب النظام و لا تكون هناك فوضى إلا بالرجوع إلى عالم منتظم حيث يحتل كل شيء مكانه و حيث تخضع كل الكائنات لقوانين منتظمة قابلة للمعرفة و حيث كل شيء يجري في اتجاه تحقيق غايته الطبيعية و يبدو العالم من خلال هذه النظرة منظم من قبل عقل الهي و ليس بوسع الفرد أن يحقق ما يريده إلا إذا توافق مع هذا النظام و ذلك من خلال فهمه.
و في أفق هذه النظرة إلى العالم ككسموس ككل منظّم يبدو العنف كخلل في النظام الطبيعي و نجد هذا المعنى عند أرسطو الذي يميّز بين نوعين من الحركة: الحركة الطبيعية التي تتجه فيها الأجسام نحو مكانها الطبيعي و الحركة العنيفة التي تتجه فيها الأجسام في اتجاه معاكس لمكانها الطبيعي، الحركة الطبيعية تنبع من مركز الأجسام ذاتها و من طبيعة الأجسام ذاتها في حين أن الحركة العنيفة تنبع من فعل خارجي عن الأجسام كما يمكن أن يظهر العنف في الإفراط بالرجوع إلى مقياس الحل الوسط الطبيعي و كلّما كانت هناك زيادة أو نقصان كان هناك تجاوز للمقياس الطبيعي كان هناك عنف.
إن مثل هذا التصور للعنف ينبع من رؤية للعالم ككل و بما أن هذه الرؤية قد اندثرت نتيجة التحولات العلمية و الفكرية و التاريخية فإن العنف بمعنى اختلال النظام قد انتقل من المجال الطبيعي إلى المجال الاجتماعي و السياسي حيث يظهر كل إخلال بالنظام كعنف و هذا ما يقصده جليان فروند J . Freund و لكن النظام ذاته يمكن أن يكون بدوره مولدا للعنف و مظهرا من مظاهر تجسد العنف.

II. مفهوم الحق

1. ملاحظات هامة حول الظاهرة الحقوقية
لا يوجد الحق إلا داخل المجتمع و هذا يعني أن الظاهرة الحقوقية ظاهرة اجتماعية لكن الظواهر الاجتماعية ليست كلها ظواهر حقوقية مثل العادات و الأخلاق الاجتماعية لكن النظرتين من الظواهر يتعايشان و يتداخلان فالإنسان الذي يذهب إلى المطعم للأكل يحترم العادات "آداب الأكل، الجلوس..." و لكنه في نفس الوقت يدفع ثمن أكلته ضمن نطاق قانوني هو العقد الذي بموجبه يدفع المستهلك ثمن الخدمة التي قدمت له تختلف الدول و الحضارات في نظرتها إلى القانون والحق .
في الحضارات القديمة الآسيوية هناك عادات على درجة من القوة الإلزامية تجعل القواعد الحقوقية غير مرغوب فيها.و تتنوع المجتمعات حسب الزمان و المكان و تتطابق مع أنماط ثقافية متنوعة و بالتالي إن الظواهر الحقوقية هي ظواهر ثقافية ليس لها دائما نفس المظهر الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى نوع من الخلط في مفهوم الحق .و بالنظر إلى تعدد أنماط المجتمعات المنظمة فإنه بالإمكان تصنيفها بحسب توجهها و القواعد التي تلتزم بها .
فهناك على سبيل المثال المجموعات الخاصة التي توحدها غاية واحدة و هي المنفعة و هناك المجموعة التي تنتظم في الدولة و التي تتوحد حول غاية واحدة هي النظام العمومي و يمكن كذلك تصنيف المجتمعات إلى مجتمعات وطنية و مجتمعات متداخلة القوميات و مهما كانت الفروق بين المجتمعات من حيث البنية و الغاية فإنها تشترك جميعها في الظاهرة الحقوقية.
و على مستوى المجتمع الواحد يمكن تركيب المجموعات داخل سلم مرتبي تحتل فيه الدولة المرتبة الأولى بما أنها التي تشرع و تحدد القوانين لمختلف الأصناف و الفئات داخل المجتمع.
نستنتج أنه لا وجود لحق موحد و هذا ما يبينه علم الاجتماع الحقوقي و الانتروبولوجيا القانون.لكن هذه الاختصاصات تبحث في الحق من الخارج كظاهرة في حين أن رجل القانون يتخذ من تشريع بلد ما موضوع بحث له .و إذا اعتبرنا القانون لذاته وجدنا أنه متعدد الدلالات إذ هو:
• محل نزاع بين رجال القانون و رجال الأخلاق و الفلاسفة باعتبار أن رجل القانون لا يعترف إلا بالقانون الوضعي في حين يرجع الفيلسوف القانون الوضعي إلى الحق الطبيعي.
• لقد شهد مفهوم الحق تغيرا في دلالته موازاة للتغيرات و التطورات التاريخية.
• إن القانون الوضعي في لحظة من لحظات شعب ما هو ظاهرة متعددة الأشكال إذ يوجد إلى جانب القانون العام القانون الخاص الذي ينحلّ بدوره إلى قانون جنائي و قانون تجاري و قانون إداري و قانون جبائي. و من وجهة النظر الوصفية هذه يبدو الحق متعددا و متنوعا و لكن هذا التعدد في الدلالات لا يحول دون محاولة تقديم تعريف لمفهوم الحق.
رغم أن مفهوم الحق ليس واضحا بحيث يمكن تعريفه تعريفا شاملا إذ هناك تعاريف متعددة تختلف من رجل قانون إلى آخر و من علم القانون إلى الفلسفة السياسية. فالفيلسوف يتناول الحق بالتحليل ضمن آفاق متنوعة بحيث يستحيل العثور على موقف فلسفي موحد حول القانون لكن ما يميز المقاربة الفلسفية للمشكلات السياسية التي يطرحها الحق هو أنها تربط هذه المشكلات بنظرية المعرفة و بالأخلاق و بالنظرة الميتافيزيقية للوجود و بالتالي إن الفيلسوف حينما يبحث في الحق فإنه يدرجه ضمن نظريات فلسفية تتجاوز من حيث شموليتها موضوع الحق و من بينها مسألة أسس الحق و غاياته و ووسائله و شكله و محتواه. و من ثم فإن أي تعريف للحق يصدر عن رؤية للعالم و عن منظومة للقيم و عن تصوّر للإنسان و عن منطق داخلي يحكم كل هذه الرؤى.و لذلك بالضبط يتميز التناول الفلسفي لإشكالية الحق عن تناول العلوم الإنسانية أو علم القانون.
2.تعريف الحق
هو مفهوم علائقي يربط أفعالا و أوضاعا بمقياس يكافح بينها.و وفق هذا تبدو هذه الأفعال و الأوضاع مطابقة للحق أو على العكس غير مطابقة. إذا كانت مطابقة تكون قانونية ثم بمعنى ما عادلة و إذا لم تكن مطابقة كانت غير قانونية و بمعنى آخر غير عادلة.
و بما أن المراجع التي تصلح كمعايير لتقييم الأفعال و الأوضاع متعددة فإنه من الضروري التمييز بين المعايير التي يستند إليها الحق عن تلك التي يستند إليها الدين أو الأخلاق.
 الحق و الدين
إن أقدم الأوامر و النواهي قد اتخذت شكلا دينيا و بدت كأوامر إلهية تتولى السلطة تطبيقها فقط.و نجد في تشريع حمورابي الروماني و في تشريع الأديان المنزلة أمثلة على ذلك لكن القاعدة القانونية ستستقل بداية من العصور الحديثة عن الأوامر و النواهي.
 الحق و الطبيعة
إن النظام الأصلي و الأفضل هو نظام الطبيعة و بالنتيجة توفّر الطبيعة نموذج النظام الذي يجب على الحق أن يتطابق معه.تمتدّ هذه الفكرة التي تجمع بين الحق و الطبيعة من الفلسفة اليونانية إلى فلاسفة العقد الاجتماعي و حتى إلى فلاسفة معاصرين مثل Leo Strauss و valley مع الإشارة إلى الفارق في المعنى بين الطبيعة عند اليونانيين و هي خاصة cosmos و الطبيعة عند المحدثين.الطبيعة الأولى موضوعية و الثانية ذاتية و يطرح هذا الجمع إشكالية تأسيس الحق: هل أساسه الطبيعة أم أساسه التاريخ؟
 الحق و العدل
يوجد تقارب بين المصطلحين من حيث الاشتقاق اللغوي ففي اللغة اللاتينية و الألمانية فقط ius vstitia و تكون العلاقة بين الحق و العدل على هيئات ثلاث:
• التطابق بين الحق و العدل في هذه الحال ينبغي التعامل مع تاريخ الحق على أنه تاريخ العدل.
• التعارض بينهما و في هذه الحال نكون أمام مفارقة و هي وجود حق لكنه غير عادل مثلا هناك تعارض بين الحق الطبيعي و القانون المدني أحيانا.
• لا يوجد غير القانون و لا وجود للعدل و هذا هو الموقف الوضعي الذي يعتبر أن مسألة احتواء العدل للحق أو القانون هي مسألة ليست ذات قيمة نظرا لتعدد معاني العدل و من ثم فإنها ليست من مشمولات رجل القانون. أما الاتجاه الفلسفي الطبيعي فإنه يرد القانون إلى الحق الطبيعي، إلى العدل باعتبار أن مقياس العدل أو الحق الطبيعي هو أرقى من القانون لأنه المقياس الذي نقيس به القانون.
في الحالة الأولى لا ينفصل الحق عن العدل إذ يستمد الأول من الثاني قيمته و في هذا الاتجاه يرى القديس توماس الاكويني -الذي حاول أن يوفق بين الفلسفة اليونانية و الديانة المسيحية- أن الحق هو الوجود الموضوعي للعدل فهو تجسيد للعدل لأن العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه.و يميز بين جانبين في العدل : الجانب المادي الذي يظهر في أوامر محددة دقيقة و الجانب الصوري الذي يظهر في المبدأ الصوري مثال ذلك عليك أن تعامل الآخر كما تريد أن يعاملك الآخر.و سيصوغ كانط بطريقة أخرى صوريّة الحق باعتباره مفهوما جامعا للشروط التي يمكن أن تتوحّد فيها حريّة الواحد بالآخر وفق قانون الحريّة العامة.و يتخذ هذا التحديد للمفهوم عند كانط صيغة الأمر القطعي.
 الحق و القانون
يفهم الحق في التقليد الفلسفي كمفهوم شامل للقوانين و يطرح هذا الفهم ضرورة السؤال حول ما إذا كان قد بقي خارج مجال القوانين مكانا للحق؟
توجد خارج القوانين العادات و التقاليد كذلك الحق الطبيعي لكن في حالة المطابقة بين القانون و العدل، القانون و الحق ينتفي وجود أي مجال فارق.
حسب التعريف التقليدي هناك تلازما بين الحق و العنف إذ ما إن نصف فعلا أو وضعا بأنه عنيفا حتى نفهم من خلال ذلك أن في الأمر تجاوزا لقاعدة أو تعدّيا على قيمة و من ناحية الحق يبدو كل حق بمعنى القاعدة على أنه يتساوى مع النظام و السلم و يتأكد إذن طابع التلازم بين الحق و العنف، هذا التلازم هو في الحقيقة نفي متبادل بين الحق و العنف لكن هذين المفهومين يحيلان إلى سلسلة من المفاهيم الأخرى: مفهوم السلطة السياسية و مفهوم الدولة و مفهوم المجتمع و مفهوم الوجود و هكذا يتنزل مفهوما الحق و العنف ضمن شبكة من المفاهيم التي تكون كليّة تحدد في كل مرة بحسب الفلسفات السياسية المعيار أو المرجع الأخير الذي يسمح برسم خط فاصل بين ماهو حق و ماهو عنف.
و تختلف هذه الكليات في تاريخ الفلسفة عامة و تاريخ الفلسفة السياسية خاصة و يمكن أن نشير إلى ثلاثة أنماط كبرى:
• النمط اليوناني.
• النمط الحديث الذي تمثله فلسفات العقد الاجتماعي.
• النمط المعاصر الذي تمثله الفلسفات النقدية المعاصرة.
عزيز منير غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-17-2008, 08:53 PM
  #2
N-Kyo
إدارة نجــــــــــاح نت
 الصورة الرمزية N-Kyo
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: نجــــــــــــــــاح نت
المشاركات: 2,465
N-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to allN-Kyo is a name known to all
افتراضي

شكرا لك على الطرح الجميل
موضوع غاية في الروعة وفقك الله تحياتي لك
في إنتضار كل جديد منك من مواضيع رائعة
__________________
( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل
السماء عليكم مدرَاراً ويمددكم بأموال وبنين
ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهاراً )
-----------------------------------------
( اللهم إن كان لي رزق في السماء فأنزله وإن كان لي رزق في الأرض فأخرجه وإن كان معسراً فيسره وأن كان بعيداً فقربه وإن كان حراماً فطهر)

-----------------------------------------


ماشاء الله لاقوة إلا بالله




N-Kyo غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-21-2008, 12:34 PM
  #3
Mouchmabir
عضو شرف
 الصورة الرمزية Mouchmabir
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
الدولة: المغـــــــرب
المشاركات: 1,514
Mouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of lightMouchmabir is a glorious beacon of light
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى Mouchmabir إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى Mouchmabir إرسال رسالة عبر Skype إلى Mouchmabir
افتراضي


شكرا لك على الطرح الجميل
في انتظار جديدك المتميز
Mouchmabir غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-05-2008, 12:29 PM
  #4
عزيز منير
مشرف سابــق وبروفسور الفلسفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: تونس
المشاركات: 187
عزيز منير will become famous soon enoughعزيز منير will become famous soon enough
Post

اسف على عدم ادراج الجزء الثاني في الوقت الحاضر نظرا لكثرة المشاغل مع العودة الى ميدان التدريس و لكن باذن الله في القريب العاجل سنلتقي
عزيز منير غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر رد
الحق و العنف الجزء الثاني عزيز منير الفلسفة 1 10-28-2008 01:44 PM
قرأت لكم الجزء الاول عزيز منير الفلسفة 2 08-30-2008 10:37 PM


الساعة الآن 11:19 PM.



تعريف :

نجاح نت منتدى يهتم بجميع متطلبات مستعملي الإنترنيت وخصوصا البرامج وشروحتها وأمور ديننا الحنيف و المناهج الدراسية والألعاب...


جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd diamond