قرأت لكم الجزء الاول

08-30-2008, 12:04 PM

عزيز منير

مشرف سابــق وبروفسور الفلسفة

تاريخ التسجيل: Aug 2008

الدولة: تونس

المشاركات: 187

عزيز منير will become famous soon enough

قرأت لكم الجزء الاول

قراءة في كتاب

هذه محاولة لقراءة كتاب جيد صدر عن المطابع الجامعية بباريس سنة 1993 تحت عنوان: " انتروبولوجيا الجسد و الحداثة" للمفكر الفرنسي دافيد لوبروتن.

Anthropologie du corps et modernité
Par : David le Breton
P.U.F 1993

كيف يتأصل الجسد ضمن خطاب الحداثة؟
إن الجسد موضوع ملائم بشكل خاص للتحليل الانتروبولوجي ،انه ينتمي حتما إلى الأروقة التي تحدد هوية الإنسان فبدون الجسد الذي يعطيه وجها لن يكون الإنسان على ما هو عليه و تكون حياته اختزالا مستمر للعالم في جسده عبر الرمز الذي يجسده.
إن وجود الإنسان وجود جسمي و المعالجة الاجتماعية و الثقافية التي تعد موضوعا لها و الصور التي تتكلم في عمقه المخبأ و القيم التي تميزه تحدثنا أيضا عن الشخص و عن المتغيرات التي يمر بها تعريفه و أنماط وجوده من بنية اجتماعية لأخرى و بما أن الجسد يوجد في قلب العمل الفردي و الجماعي و في قلب الرمزية الاجتماعية فانه يعد محللا له أهمية كبرى في فهم أفضل للحاضر و ليس هناك من شيء أكثر غموضا بدون شك في نظر الإنسان من عمق جسده الخاص. إن كل مجتمع يرسم في داخل رؤيته للعالم معرفة مفردة حول الجسد ومكوناته و تعابيره الثقافية ...
لقد انطلق مخيال جديد للجسد في سنوات الستينات فالإنسان الغربي اكتشف في نفسه جسدا و الخبر سرى في طريقه و اجتذب خطبا و ممارسات اكتسبت هالة وسائل الإعلام.
إن الثنائية المعاصرة تعارض بين الإنسان و جسده و المغامرات الحديثة للإنسان جعلت من الجسد نوعا من أنا آخر فهو مكان مميز للرهافة و لحسن المظهر." بناء الجسم، التجميل، الغذاء،" و لشهوة الجسد" المارطون، الركض، القارب الشراعي.." أو المخاطرة" تسلق الجبال و المغامرات".
إن مفاهيمنا الحالية حول الجسد ترتبط بصعود الفردية كبنية اجتماعية و بانبثاق فكر عقلاني وضعي، علماني حول الطبيعة فالجسد الذي صار عامل تفرد أخذ يضاعف إشارات التميز و يتباهى على طريقة من يروج لشيء ما.
إن الجسد إذن في المجتمعات الغربية هو علامة الفرد و مكان اختلافه لكنه في نفس الوقت و بشكل متناقض ظاهريا منفصل عنه غالبا نتيجة الإرث الثنائي.
و بما أن الوضع البشري جسمي لذلك لا يمكن تمييز الإنسان على الجسد الذي يعطيه عمق و حساسية كينونته في العالم.
إن تحرر الجسد- إن قبلت الصيغة مؤقتا- أمر نسبي جدا إذ يمكن بسهولة إظهار أن المجتمعات الغربية تبقى قائمة على محو للجسد يترجم من خلال طقوس عديدة منتشرة في مختلف مواضع الحياة اليومية و من الأمثلة على المحو الطقوسي منع الاحتكاك الجسدي مع الآخر بعكس مجتمعات أخرى تكون فيها ملامسة الآخرين المحادثة الشائعة.
إن وضع المعاقين جسديا في مجتمعنا و القلق المتفشي الذي يولدونه و الموقع الهامشي للمجنون أو المسن على سبيل المثال يسمح بوضع حدود لتحرر الجسد فإذا وجد جسد متحرر فانه جسد شاب جميل غير قابل للنقد فيزيائيا و لن يكون هناك بهذا المعنى " تحرر للجسد " إلا عندما يكون هم الجسد مختفيا و نحن ما زلنا بعيدين عن ذلك .
إن الطب التقليدي يجعل من الجسد أنا آخر للإنسان فهو يبعد من دائرة اهتماماته الإنسان المريض و تاريخه الشخصي و علاقته مع اللاوعي و لا ينظر إلا للعمليات العضوية التي تحدث فيه و يبقى الطب وفيا لإرث فهو يهتم بالجسد و بالمرض و لا يهتم بالمريض، لقد أصبح في المعاصرة الطب طب الجسد و ليس طب الإنسان كما في التقاليد الشرقية على سبيل المثال .

ما لا يمكن إدراكه في الجسد
سير الجسد
تخصص التصورات الاجتماعية للجسد وضعا محددا في داخل الرمزية العامة للمجتمع ، إن الجسد بناء رمزي و ليس حقيقة في ذاتها ،إنه المفهوم الأكثر قبولا في المجتمعات الغربية و يجد صياغته في علم التشريح الفيزيولوجي أي في المعرفة البيوطبية.
إن الانفجار الحالي للمعارف حول الجسد هي بحوث جامعة لنظريات أخرى حول الجسد مستعارة من الشرق و التنجيم و المذاهب الباطنية و لجوء معتاد أكثر فأكثر للأشكال التقليدية للمعالجة التي تحمل أيضا نظريات مختلفة عن الجسد و الذي جعل من علم التشريح الفيزيولوجي نظرية من بين النظريات أخرى حتى و لو بقيت النظرية المهيمنة تشير لمرحلة أخرى من الفردية في مرحلة انكفاء أكثر شدة على الأنا.
إذا كان مفهوم علم التشريح الفيزيولوجي الذي أصيب قليلا نتيجة التقدم الحديث الذي تحقق في ميدان الطب و التكنولوجيا الحيوية قد ساعد على نفي الموت فإنهما لم يمكننا من جعل هذا التصور من الجسد جذابا جدا.

لماذا ندرس العلاقات بين الجسد و الحداثة؟
حتى نعلم خط سير الفردية في النسيج الاجتماعي و بيان نتائج ذلك على تطورات الجسد.
إن المفهوم الحديث للجسد هو نتاج للبنية الفردية للميدان الاجتماعي و نتيجة لانعدام التضامن الذي يمزج الشخصي بالجماعي و بالكون عبر نسيج من الاتصالات.
إن خصوصية المصطلح التشريحي و الفيزيولوجي الذي لا يجلب أي مصدر أو أي جذر خارج دائرته يعبر عن الانفصال الانطولوجي بين الكون و الجسد البشري ، لأن الجسد المعاصر يتميز بالفردية.

08-30-2008, 12:44 PM

N-Kyo

إدارة نجــــــــــاح نت

تاريخ التسجيل: Feb 2008

الدولة: نجــــــــــــــــاح نت

المشاركات: 2,465

مشكور أخي على الطرح الجميل
في إنتضار المزيد من إبداعاتك

__________________

( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل

السماء عليكم مدرَاراً ويمددكم بأموال وبنين

ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهاراً )

-----------------------------------------

( اللهم إن كان لي رزق في السماء فأنزله وإن كان لي رزق في الأرض فأخرجه وإن كان معسراً فيسره وأن كان بعيداً فقربه وإن كان حراماً فطهر)

-----------------------------------------

ماشاء الله لاقوة إلا بالله

08-30-2008, 10:37 PM

antigone

عضوة شرف

تاريخ التسجيل: Feb 2008

الدولة: المغـــ بلدي الحبيب ـــرب

المشاركات: 1,412

مشكور اخي على الطرح القيم

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر رد
من الاول في لائحتك	just a girl	المنتدى العام	6	04-14-2009 09:20 PM
الحق و العنف : الجزء الاول	عزيز منير	الفلسفة	3	10-05-2008 12:29 PM

		نجاح نت > المنتديات التعليمية و التوظيف EMPLOI MAROC > المواد الأدبية > الفلسفة
قرأت لكم الجزء الاول

اسم العضو		حفظ البيانات؟
كلمة المرور

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة لا تستطيع الرد على المواضيع لا تستطيع إرفاق ملفات لا تستطيع تعديل مشاركاتك BB code is متاحة الابتسامات متاحة كود [IMG] متاحة كود HTML معطلة قوانين المنتدى

تعريف :